الكاتب : محمد نبراس العميسي
يبلغ قلقك النفسي أوج ذروته عندما تكون الامتحانات على بُعد يومين فقط من حلولها ضيفًا ثقيل لا يفارق أيامك إلّا بعد أن يُجهض كلّ قواك العقلية والذهنية والعصبية والشعورية.
لطالما كان القلق باعث للعبقرية والإبداع ورافد أساسي لطاقة الإبتكار في الذهن البشري، وحده من يذّكي الشغف لدى الإنسان المتفوق ويلهب فيه شاعرية الحماس؛ ليندفع بقوة لتحقيق الشيء الّذي يجلب المصلحة للجماعة كلها..القلق يُصاب به الآحاد من المجتمع الإنساني فتّعم الفائدة النوع كله، إنّه حصر على الإنسانيّة المتفوقة والشخصيات المهووسة التائقة لتغيير واقعها وتسعى لإصلاح النكوص العالق فيه.
عادةً مايأتي القلق قبل الخطوة الأولى أو ماقبل الخطوة الأخيرة؛ ولكي تستغله ينبغي عليك أن تبذل أقصى الاستطاعة في الإنغماس الفعلّي في أيُّ عمل تقوم به. مثلاً إذا كنت طالب جامعي وامتحاناتك على الأبواب-كما يحصل مع الشباب اليوم- عليك أن تذاكر دروسك جيدًا وتستوعب كلّ ماذاكرته وتتوقع الرسوب، هنا تذهب بقلقك إلى نهاية الامتحان وأنت متوقع السقوط؛ لكن أبان ظهور علامات النتائج ستجد نفسك تجاوزت الصعوبة، وعندها سوف تشعر بالامتنان للقلق.
تنتهي حياتك الدراسّية أو تأخذ في طريق العمر أشواطًا أخرى، ويبقى في ذاكرتك شيئًا عالق من الآلام الّتي صنعتك، ترميك الحظوظ خلف أحد المكاتب في وزارة ما؛ ولكن يبقى في داخلك امتنان لمشاعر القلق الّذي انتابك في بداية المشوار..هكذا الإنسان مهما ترقى في وظائف كبيرة أو نال أفخر الأوسمة والألقاب، ومهما حقق إنجازات عظيمة وخارقة، إلاّ إنّه ينسب الفضل لتلك الأيام التي ظن فيها إنه من فرط القلق والخوف ألاّ ينجو.
امتحانات طلاب الجامعة تبدأ من غداً السبت، وكلّ طالب جامعي الآن، تمّر عليه لحظات يفقد فيها شغفه التام بالحياة كلها كما أحدس
عن فقدان شغفكم بحب المذاكرة، أحيانا تفقدوا إيمانكم بالحلم الذي تشكلون برواز لوحته على مقاعد الكليات؛ لكنكم سرعان ما تتذكروا بأن كل المصاعب من أجل فكرة عادلة تكون طيبة شهية لها طعم العسل، وعورة الطريق من أجل غاية نبيلة ذلول لكل سالك، نأتئ الصخر المتساقط من القمة سلم يرتقي عليه أصحاب الهمم العالية إلى الذرى البعيدة.
صحيح تذاكروا المنهج وتشتموه بنفس الوقت، تدلفوا الجامعة محافظين على قدسيتها، تساءلون ذات دراسة في سركم، يهمس كل واحد منكم لنفسه:
أين ينتهي بنا السعي في دروب بلا غاية؟ لماذا تدرس وأنت تدري بأن هذا الوطن سوف يرميك بعد تخرجك في سلة المهملات؟ أين تذهب جامعتك بهاذا المد البشري من الطلاب الذي جاء من مناطق عدة؛ ليبحث عن قيمة مصير مفقود في زمن سافر لايُنزل الناس منازلهم.؟!
تقفون مشدوهين بعد هذه الأسئلة السخيفة، تراجعوا حقيقة أنفسكم، تحاولوا أتجميع ماتناثر منكم في ممر السنين اللولبي؛ لكنكم لن تستسلمون لمخاوفكم والآمكم وأوجاعكم، لديَّكم حلم أقسمتم ذات سجود أن تحققوه، لديّكم قضية لا ينبغي أن تنهزمون أمام أول تجربة.
مقال
اليمن2024/5/18
Discussion about this post