عطارد المجنون
اللّيلة، لا أحد هنا ليعانقني
وينصحني بأن أبصق في وجه العالم!
حبيبتي.. ليست هنا!
ربّما، تعطّل هاتفها الذّكيْ
أو خذلتها شبكة “الواي فاي”
أو لعلّ غرفتها الصّغيرة صارت تتطيّر من أصابعي؛
أصابعي التي
كلّما طاردت القصائد الجريئة على طريق السّكّر
جمح الحصانان الأبيضان اللّذان تربّيهما،
حبيبتي،
عند سفح صدرها
فيصهل أطفال العالم كخيول عربيّة أصيلة
ويصير الرّجال عناوين عريضة مكتوبة باللّون الأحمر!!
آخر ظلّ لي غلبه النّعاس،
قيل ساعتين،
وتكوّر في الزّاوية مع عشرات من ظلالي النائمة
بعد أن أتعبه انقاذ العالم من مأساة جديدة اخترعتها له
وأرهقه الرّكض
مع امرأة جميلة هربت من مستشفى المجانين
وصادفها في حلم قديم لي.. فأحبّها!
الليلة، لا احد هنا ليعانقني
ويعتذر لي عن وصوله متأخّرا
ثمّ يقترح عليّ أن نبصق، معا، في وجه العالم
ونضحك…
فأصدقائي صاروا ينامون باكرا جدّا
حتّى لا ينجبوا أطفالا جددا يقدّمونهم قرابين للجوع
فتصيبهم لعنة الخبز
وحتّى لا يحدّقوا طويلا في نسائهم
فيكتشفون كمّ الحروب التي تدور خلف وجوههنْ…
الموتى الذين اعتادوا زيارتي، كلّ ليلة
لم يأتوا، هذا المساء!
لو أنّهم جاؤوا لكانوا عانقوني
ولأخبروني
– كعادتهم –
أنّ تلك الرِّجْلَ المحشورة في حنجرتي
ليست إلا كرة ثلج يذيبها الضّحك
وكنّا سنتبادل نكاتا بذيئة جدّا
وسنضحك
ولكنّ حكومة الموتى ضاعفت معاليم التنقّل بين عالم الموتى و عالم الاحياء
وهي تهدّد بغلق المعابر لو لم يتوقّف شغب الموتى على الحدود !
القصائد
كانت تعانقني، أحيانا
وأحيانا، كنّا نبصق في وجه العالم و نبول على رجليه
ولكنّ كلّ قصائدي صارت كثمانينيّة مصابة بالزّهايمر
تكرّر نفس الحكايات،
تنادي أشخاصا لا تعرفهم بأسماء ليست لهم،
تضحك في المآتم
وتبكي في الأعراس
وتشتُمُني كثيرا ولا تتذكّرني…
اللّيلة، لا أحد هنا ليعانقني
وينصحني بأن أبصق في وجهي لأنام
فقط، اللّيل يتسكّع في الخارج،
يحرّض أحزانا شرسة
يربّيها بحذر تحت معطفه الأسود الطّويل
على مداهمة الشرفات و النّوافذ المضيئة
ويلوّح لي من بعيد
كأنّه يقول لي:
لا تنم الآنّ؛
سأنتهي من هذه الشّرفة الأخيرة
وسآتي إليك مع كلّ هذه الأحزان الشّرسة
لنعانقك
ونعلّمك طرقا مبتكرة للبكاء
لا تكشف شبفرتها القبيلة !!
Discussion about this post