فائزه بن مسعود
—لامست الكتاب المسجّى
على مكتب سكرتيرة صاحب المطبعة
ولا تدري كيف ان يدها ذهبت إليه
هو من بين كل مجموعة العناوين المعتقلة على هذا المكتب تنتظر
إطلاق سراحها لتحلق في فضاء معرض الكتاب…
مررت أنامها بكل هدوء تداعب ألوانه
وتفاجأت بالسكرتيرة ودون تحويل بصرها على شاشة حاسوبها
تقول:
هذا كتاب زوجته …وسكتت..
كانت كلماتهابمثابة خبر عاجل
من نوع زلزال تجاوز قوة درجات سلم ريختر..
في لمح البصر جذبت يدها ومادت بها الأرض
ودكّ تسونامي مدينتها الفاضلة…وتهاوى كل الكون ، زلازل وثورة براكين ،وفوضى العدم تزغرد من حولها
رأت البنايات والحدائق واليابسة والمياه تبتلعها الأرض…وتغور في أعماق الأعماق ،وألسنة النار تركض في اتجاهها من كل الفجاج، وهي ثابتة لا تبدي حراكا رأت دخانا خفيفا يخرج من يسراها المكلومة ويتشكل ملاكا رحيما يشير إلى كوة ضوء بعيدة في نهاية نفق مظلم مخيف
توكأت على عصا الصعقة وتشبثت بآخر رمق ،وجرّت خيبتها نحو هذا الضوء الخافت
بلغته لاهثة واذا بيد توضع على كتفها وتجلسها برفق على الكرسي
وتمدها بكأس ماء ما استطاعت مسكها فتعطفت هذه اليد الكريمة
وسقتها جرعات متقطعة …امرأة ابتلعها حزنها…جمعت قواها ونهضت
متجهة نحو باب الخروج
سمعت صوتا يناديها… وآخر يعتذر
ليس ذنبنا إن تأخرت طباعة روايتك
إن الناشر هو من طلب منا تأجيلها..
لأنه يريد أن تكون الأولوية لكتب ..ب..ب….على رفوف جناح عرض الدار…
لماذا كل هذه القسوة ؟
لماذا كل هذه الدناءة؟
لماذا كل هذا النفاق؟
لماذا هذه الأصوات توقد النار على جرحها لتشم رائحة شواء لحمها حيا؟
لماذا للغدر والخيانة أقنعة أخرى
غير التي عهدتها
وها قد أتاها على هيئة وفاء
بل على شكل سم زعاف
ممزوج بعسل أسود، كما تمثّلته
قصيدة خالية من الإيقاع
وصداها بكل خناجر الدنيا يطعنها بلا هوادة…نزلت الدرج هاربة من ملاحقة تلك الأصوات …اصطدمت بجسم صلب ،أسرعت بالارتماء على مقعدالسيارة وأدارت المفتاح فـأحست بسائل حار يتدفّق ويكسو وجهها ،مسحته باليد التي لامست بها ذاك الكتاب الملعون أدنت يدها من عينيها لترى إنه دم ،ودم غزيز يتدفق ولا تعلم من أين؟ ذاكرتها غلّقت دونها الأبواب… حركة واحدة استطاعتها ،سدت أذنيها حتى لا تعود لسماع تلك الأصوات (هو من أمر بذلك …)
هذا الــ (هو) …هو من جاءها مستعطفا خاطبا حبها وقربها وودها، وما سعت إليه ولا حاولت لفت انتباهه أصلا كما رأت مَـنْ حوله يفعلن استجداءً لنقد أو تعريف بكتاباتهن المغمورة… كانت وما زالت امرأة مكتفية بذاتها معتدّة بنفسها في تواضع جذّاب ،وكل من عرفها أحبها واحترمها…كانت حذرته من أي هفوة تهدر كبرياءها وأقسم أغلظ الأيمان انه خير من أحبتْ – الصادق الأمين –
كل هذا تم وكان كما وعد ولــكن هاتف داخلها يصرخ دوما(هو يضمر عكس مابيدي)لا تركني إليه إنه الحدس وهي أنثى حدسية جدا…
كانت سدت منافذ الحبّ وسكنت أعماق اللّاحب،واشتاقت لقلب ينبض ويحتويها …هي امراة خرجت
من بطن الحوت عارية
وظنتـه يقتينة تسترها
أتراه هو العري نفسه…
عجبا كيف يقيم العري في العراء ويلتقط العاريات ليعريهن أكثر…
ولا تسل امرأة
عن رجل أحبته ملء رحمة الله التي وسعت كل شيء وولّى وجهه قبلة أخرى…؟
13/5/2024
Discussion about this post