يشبهنا المطر
دعْك من أنّه لا ممْسكَ له
فهو لا يطيق أن يستبدّ به غيمٌ
أو تسودّ الدّنيا بعينَيْه
يفلت ولا يهتمّ بأن تعلَق مزقُ قمصانِه
بين أسنانِ البرق
ويهطلَ عاريا، يشبك كنسّاجة ماهرة
خيطانَه في الجهات
دعْك من أنه يتعاطى مع الماء بفوقيّة واضحة
فهو لن يسلِّم نفسَه لفخاخِ المزاريب
ولا لمظلّات تخادعُه كإناءٍ مقلوب
ودعْك من أنه يُخيّب ظنَّ العطشانين فيه
ويزخّ فوق البحر
فلكي لا يلوّث سمعتَه في النقاء
وينزلَ فوق جثّة لم تُدفن
أو يَجْبِلَ نحاتةَ البيوت المهدومة من جديد
فينسدّ شقُّ الرجاء على أحياءٍ تحت الأنقاض
دعْك من أنه لايُرى جميلًا في عين الوحيد
فهو لم يخترْ حضورَه قطراتٍ في حضرةِ الماء
إلا خوفًا من الوحدة
دعْك من أنه يدخل الشتاء كملحوقٍ دائما
فيمضي حتّى قبل أن تُعتصَر ثيابٌ بلّلها لفلاحٍ تأخّر ، أو تمتلئ صحونٌ تحت الوكْف
فهو لن يقطع الشتاء كضيفٍ مكروهٍ
يصحّح للبشر بعضَ القراءات الخاطئةِ للسحب
ثم يمضي في الحكايات كعنصر تشويق
يشبهنا المطر
فهو كواحدٍ منّا
له ظلّ يخاف عليه
قد لا نرى له هذا الظلَّ بالعين المجرّدة
ولكنْ ما إن تُغمِض عينَيْك بعد وابلٍ منه
حتى تلمعَ له أجنحةٌ من ملح
دعْك من أنه أكثرُنا حبًّا للأرض
فتراه ملمومًا من أقاصي الكون
كي ينهمرَ بين أصابعِها وتشربَه بحفنةِ كفّ
فهو يعرف قبلَنا ، وربّما من أيام الغمْر الأوّل
أنّ القبرَ ما هو إلا ظلُّنا المحفور
سلام حلوم
سوريا
Discussion about this post