ظلّ طويل جدا، يقع على ظلّ أطول منه
أخرج من أفريل نحيلة
سقطت شهواتي عنّي وامتصّها نحل الرّبيع.
تركتُ خلفي أربعين سارقا ولصّيْن واثنين مثلهما
ثمّ مشيْت عارية على مرآى العسسْ.
خطوط القمح في “بني باندو” حصّنتني
وطيور سمينة حلّقت في الصّباح على مشارف بيتي
فظلّلته.
أفريل شهر السّؤال الأنثويّ في حلم الدّوريّ وفي جسدي،
فيه يتكاثر عددي وتصطفّ النّجوم على تخوم القلب أو فوق كوم القلقْ.
لا أحبّ الفصل لكنّي أحبّ أفريلْ
لا أحبّ البحر لكنّي أحبّ الماءْ
الماء الحلو ماءٌ والمالح راءٌ تشغل الرّائي عن الحقيقة وعن الحوت في البحر الظلامْ.
هبط الحليب على ليل البلاد فجفّفه نهارها
أنهارها ليست تسير نحو اليمِّ
تدور في قلق مع الطّمي وتأوي إلى يدي.
وماذا بعدُ؟
هل أفتح عِرق الجنوب لينساب في عِرق السماء وتمطرُ؟
أفريلُ قلّما يمطرُ.
أخبَرَني بريد السّحاب أنّ في السّماء سماء لا تشبهها
لكنّي أحدسها فأرفعها وأصاب بالعدوى.
ما هذه بشكوى لكنّي أرى الأزرق.
الأزرق في أفريل لون الهواء ولونيَ بَعده.
كدماتُ الأرض مبسوطة على ظهري،
سلالُ جدّي، شباك صيد السّعيد ريّس المرسى أبُ خدّوجة الأنثى التّي هزّت عروش العالم ثم ماتتْ.
أفريل لها وأفريل عليها
وعلى الرّبيع أن ينصاع لأمري
فاخرجْ مسرعا أو بغتة أيّها الشّهر
اخرجْ
لا فرق عندي بين صيف وشتاءْ.
إنّي أرى شهر الأرض على سطح البحر يطفو
وتغفو حوله كائناتْ.
××××××××××××
في مايو
ميّت ينزل الدّرَج بثياب ربيعيّة ومرآة مجعّدة
يتعرّف في الطّريق إلى الحياة على شبح عارٍ
فيعطيه ثيابه وكتابه.
لم يتصافحا
كانا راغبين في مواصلة الطّريقْ .
جلس الميّت إلى ظلّ تحت الشّجرة
لم يكن ظلّها
ربّما كانت لطخة من أحوال الطقس انعكست على المكان
أو ربّما كانت برودة وافدة من التباس الدّلالات في لباس أهل الكهف، أضاعوا اللّغة فابتعلتهم فراشاتها وطارت نحو الخريفْ.
الغيمة رُكْبَةُ الأرض أين المسافة ارتطام بحقيقة متنافرة.
رفع الميّت رأسه ليلتقط رُكبة تصلح لساقه العرجاءْ.
لم يرغب في حياكة قميص تحت الشجرَه
نظرَ
أوراق مهبّ الريح لا تصلح كساء ولا تسمّى قماش ربيع
هي نُتَفٌ خضراء أضاعها الغصن فعثر عليها الظلّ
أو عثرتْ عليه.
الميتّ في مايو حُرٌّ تحت الشجرة الخفيّة،
والشبح حُرّ في لباس بورود.
أفريل شهر لا ينتهي بنقطة ولا يُعبَرُ بفواصلَ
أفريل شهر يسيّجني.
حرّك الميّت أطراف أصابعه وحاول الكتابة، لكنّه لم يجد فكرة في رأسه.
لم يجد أُمًّا ترتّب شَعره وتعلّمه وَصْف الغابة
فماتْ.
بقلم الشاعرة والكاتبة
سونيا الفرجاني من تونس
Discussion about this post