الإنزواء
سافرتُ فيكمْ..
عبرَ وهجٍ في حنايا حسِّكم..
رملاً يحبُّ الغيثَ حُباً فارتويتُ
عرفتُ قبلاً..
إذ تبرعمَ عشبُ رملي..
أنَّ بَعداً..
يُبعثُ الشهداءُ شُفَّاعاً لنا..
ففرحتُ..
مالي يا أخافُ الموتَ..
في حوضِ اشتهائي..
إذ أنا لا بُدَّ ميتُ
وسافرتْ بغدادُ فيَّ..
ولاهجتني باللسانِ..
وأذنُ قلبي مرهفٌ..
طرباً تغنَّى موجُ نيلي بالفراتِ..
وراقصتْ ((مروي)) غصونَ عجيبةٍ..
في لبِّ بابلَ فانتشيتُ
بفوح بوح أصالتي..
نوراً على نورٍ مشيتُ
مشيتُ خمساً من زمانِ الدهر..
واسترجعتُ كلَّ شواردِ الشعراءِ أصلاً..
وامحيتُ
قذفتُ بصري في الشموخِ تفرُّساً..
كيما أرى عبري غراباً..
علَّمَ الدنيا مواراةَ الشهادةِ فارعويتُ
توحداً آزرتُ قومي بالرَّطيب..
وظلتُ أذكرُ بعدما سهواً نسيتُ
أخذتُ أقرأُ مصحفي مثلَ الحسينِ..
وأصدعُ العدوانَ جمراً لو رميتُ
تشرفاً أبدو..
تنيرُ مآثري بالعلمِ دنياواتنا..
كالعزِّ يدرسني بنو بنتي..
أنا السودانُ لو ورِثَ الحفيدُ الأسدَ فخراً..
ها أنا ما زلتُ أُحصي كمَّهُ..
مثلَ النقودِ حلاوةً..
وعروبتي شهدٌ لها..
يطلي صفاءُ الماءِ دهنَ سنابلي بالعزِّ..
مراتٍ ومراتٍ..
أنا قرطاسها الجندي..
ها أنا في عكاظَ ولن أبيع كرامتي..
حتى إذا موتاً بكيتُ
فيا حيياتِ الشواردِ رطَّبيني مِرَّةً..
يا لوحةً تسبي فؤاد مُحِبِّها،..
يا نفحةَالحرفِ النديِّ..
أنا الشهيدةُ شاهدوني بالبصيرةِ..
عبر تأريخِ البطولةِ..
إذ بكم فوقاً سموتُ
وهكذا بغدادُ قالتْ عِزَّةً..
بفمِ الشهامةِ فاهتديتُ
إلى لفائفِ باطنِ المعنى،..
ودارٍ كالسلامِ دخلتها،..
وبربِّها لو تسألوني..
كيفَ لي هذا الحليبُ،..
وكيف حبِّي قد تعتقَ بالهيامِ..
فقد شفيتُ..
بيا بُني إليك هذا التمرَ والماءَ الفراتَ،..
وقد رأيتكَ في الغناءِ كمنجةً..
عزفت لحونَ رسالتي..
وأنا سمعتكَ!!..
فانبهرتُ بودِّها،..
ولمحتُ كوناً آخراً من سجعها..
قد أطرقت فيَّ اللُّفى..
وخجلتُ وقتَ تدفقِ الأشعارِ،..
رَضَّ مفاصلي بيتٌ تواضعَ إذ بنيتُ
علمتُ أنَّ البيتَ لا يأوي..
حضارةَ شعبِ دجلةَ فانزويتُ.
كلمات الشاعر
محمد عمر عبد القادر
Discussion about this post