الفن والجمال والحب بلسما للفقد والألم في رواية “ايفا “لسندرا سامى
بقلم سهام مصطفي الشريف @سهمة
“ايفا” وانت تقرأ العنوان وتتفترس الغلاف الذي يظهر فيه خيال إمرأة، تذهب بمخيلتك إلى آله يونانية تجول في جبل الأولمب أو ملكة في مملكة سبأ مثلا،وتتخيل أحداثا قد تحملك إلى عوالم ميتافيزيقية سريالية . فتسرع لتتصفح الكتاب فتقع في حب نثر ممتع، فيشدك أسلوب الكاتبة الجميل، فتنسى توقعاتك الأولى وتلتهم الأسطر التهاما لما فيه من سرد تعبيري أخاذ حتى وإن غلب على الأحداث الوجع والألم نتيجة للمصائب في القصة والتي تتعرض لها البطلة. تجدك أمام “ايفا “الفقد والوجع واليتم المبكر نشعر به من خلال صمت البطلة المدوي” فإيفا “هنا لا تزمجر أبدا، قصُرت أسألتها وقلت أجوبتها وربما في صمتها كل الكلام، تسمعه في نقرات سرد مصور تغلب عليه الشاعرية ص 35 “تسرب الصباح إلى عيني …..اعترضني الشوق الممتد في عينيه” ومنمق تعتليه الحكم ص 55 “لا عيب في أنفسنا المتعبة “و التساؤلات الوجودية ومشاركة الطبيعة الاحاسيس ص126″رافقتني الطبيعة والأشجار معظم أوقات ضعفي ” تتكاثف فيها الأحداث التي تضعنا في إطار يومي معاش تكتسحه الكوارث والمصائب، فأصبح القارئ مشاهدا لفيلم أخرجته الكاتبة على أحسن وجه بسرد تعبيري عذب وملفت للانتباه. فتتذكر كتاب كريم عبد الله” جولة في تلافيف العقل” حيث ينغمس الأسى والوجع المعاش للأبطال في برك جماليات السرد والنثر وهذا يدل على أن الكاتبة الشابة نهلت من ينابيع الأدب على حداثة سنها ….ففي الرواية تسير الأحداث بنسق منبسط على منحى ما يعبر عنه ب even plot أحيانا تتشابه الأماكن والمشاغل في المدن التي انتقلت إليها البطلة ،غير ان كما قلت الغوص في تساؤلات أزلية فكرية يُفضى على العمل طابعا مميزا .ومن خلال ما يحدث لايفا ،نتطفن أن الأدبية الشابة تقودنا الى باب الخلاص الذي يكمن في الحب والفن ولا شىء آخر .Love as a saviour وهو ما يذكرك في كتابات Oscar wild ص139 … في كل مرة تقع ايفا حين يشتد المها وتتسع رقعة ضياعها بأناس كرماء يحبون شتى أنواع الفنون من رسم وموسيقى وأدب ويجعلونها تنتشي مما يقدمون ونتقين أن الفقد وراء الإبداع” فتيم” الرسام فقد منزله بعد حريق “وتارة” زارتها الوحدة والمرض وما من شىء أعطى نكهة لحياتنا سوى اللجوء إلى الإبداع.
لا يتحدث السارد بلسان البطلة الا في الحزء الثاني لتكون هي الفاعل وربما لتعبر عن قدرتها على الخلاص والوصول إلى المرسى حيث قوارب الاطمئنان تنتظرها بشغف. ومرة أخرى تتراكم المعلومات عن تجارب البطلة التى تتدثر بجل العوامل الطبيعية لتواجه مصيرها ،فالأمطار ترقص على هسيس هطولهاالذي ينعش البطلة ص 174 “ردت ايفا والمطر يقطّر من قطرات شعرها المبلّل” وأوراق الأشجار تدثر نفسا تبحث عن النجوم المتلألأة في سماء الغد القادم ص 177 “تارة بمعنى النجمة المشعة” مما يشحنها للتعمق في التحليلات الفلسفية الوجودية على طريقة السؤال الافلاطوني وتكون الإجابة دائما من أناس تسلحو بالفن والحب والجمال ولا شىء غير ذلك ص183″اما من لم يجرّب الحب،والكتابة،والحلم، فلا يتعلم الطيران “والحقيقة ان اي قارئ اثقله الفقد والوجع يجد نفسه في سرديات “سندرا سامي” الأنيقة.ومن حسن حظ البطلة ان النجدة المعنوية والمادية تأتيها في الوقت المناسب وهذا فيه شىء من fiction الحاد مثلا كأن تشتري أحداهم معطفا للبطلة تاقت نفسها اليه .
وإن نحن نثمن هذا العمل من شابة في مقتبل العمر،نقول إننا انتشينامن عذوبة لغته وقوة مجازه وألق صوره وحتى الصبغة التحليليةلبعض المسائل كما قلت آنفا للموت والحياة تتقبلها بصدر رحب ص134 لا تعش نصف حياة ولا تموت نصف موت”ثم تمر إلى ينابيع الرومانسية في حكاية البطلة مع أدهم ولكنها تفاجئك ان الحب يولد ليموت وإن البطلة مستعدة للفراق “انحل العناق ،افلتت كفوف الوداع “ومع ذلك تصنع البطلة من المها المزدوج درعا وتسعى ان تكون فعالة على شائكة قصيدة Emily Dickenson .you are not living invain l.وفي الختام نذكر ان صندرا تكتب أيضا من أجل استيتيقة النصر في النص الأدبي على منوال Oscar wild..الإبداع للإبداع أولا والوجع فيه من الجمال ما يجعله يكتب بماء الذهب .@سهام مصطفى الشريف
Discussion about this post