صباح الخير يا ماتي،
أنا أيضًا كان يفترض أن أموت،
أحيانًا تذكرني أمي بذلك
وأحيانًا أذكر نفسي.
نجوت بمحض الصدفة
في الستة أشهر الأولى في حياتي
بعد ذلك،
وصلت إلى هنا بمحض الصدفة أيضًا.
على الرغم من أني لم أقع في الإدمان بعد
لكنّي أتحمّل الألم الهائل العظيم
لا أعرف حقًا ما بي،
يقول الأطباء أني مصابة بالبيبولار
النوع الأول أو الثاني
لا أذكر حقًا.
لكنّي أعرف كيف يبدو الجنون
كيف أنام طوال اليوم من الخوف
أخاف من الموت وأخاف من الحياة
ومعظم الوقت أخاف من أن أفقد عقلي.
أنام حتى لا أنتحر،
أنا مثلك أخاف من البقاء ليلًا وحيدة
أخاف من الجلوس على الأريكة أمام التلفاز
وأعدُّ كل يوم الدقائق والساعات حتى ينتهي اليوم
ويأتي اليوم التالي
كل يوم أنجح في عدم قتل نفسي.
أعطتني طبيبتي رقمها الخاص حتى أتحدث إليها
في هذه النوبات
نوبات الجنون المحض والرغبة المطلقة في التوحش
هذا التوحش الذي أطوقه بلجام من حديد
أبدو لطيفة وأُضحك الآخرين كثيرًا
وصديقتي المقربة تقول: لولا ما تكتبينه
لظننت بأنك مجرد فتاة حلوة ومدللة.
لكن لا أحد يعرف عن الجنون الهائل في عقلي
عن الرغبة في الذهاب للمصحات وتجنب الحياة
أدخن كثيرًا الآن
أكثر من عشرين سيجارة يوميًا
فقط أحاول أن أمرر الوقت وأتعامل مع الألم الهائل
الذي تعرفه
أنا أيضًا عرفت الألم كثيرًا في حياتي
عرفت الهجر والرفض والفقد والاغتراب
يقولون بأن كل إصلاح يبدأ من الداخل
لكن ماذا لو أن روحك مثل حقل مشعث وخرب
ماذا لو أن التعافي خدعة والنجاة مجرد صدفة
لا أعرف إلى أين أتجه في حياتي
أكتب قصائد كثيرة عن الموت
معظم الوقت أكتبها وأنا أبكي بمرارة
لكن الناس حتى أصدقائي يقولون
أوه هذه قصيدة جميلة
لا أعرف ما الذي سيحمله لي المستقبل
ولا أعرف إن كنت سأنجو
لكنني في الثامنة والعشرين الآن
وأرغب بقتل نفسي منذ كنت في السابعة عشرة
قبل ذلك لا أذكر شيئًا عن حياتي،
لكن مؤكد أني أردت أيضًا أن أموت.
شيئان فقط تغيرا حين كبرت
أولًا لم أعد ألوم أحدًا على معاناتي
أمي وأبي مسكينان للغاية
وأحيانًا أشعر بأنهما طفليّ
على الرغم من أن جيناتي خربة
وأني نشأت في بيت مترع بالاكتئاب
وكل ركن فيه معشش بالصدمات
كيف إذن يمكن أن أتعافى وأنا أجر الألم
جيلًا بعد جيل؟
يقولون: يمكن أن تكوني أنت من يكسر هذه الحلقة
لكني فقط أتألم وأخسر أكثر مقابل الحياة كل يوم
الأمر الثاني يا ماتي هو أني لم أعد أنتظر من يأتي لإنقاذي
لم أعد متأكدة أصلًا من مسألة الإنقاذ هذه
يقولون يجب أن أنقذ نفسي
أن هذه مسؤوليتي في نهاية الأمر
لكني لا أعرف ماذا يمكن أن أفعل
ذهبت إلى الأطباء
حضرت جلسات العلاج النفسي
تزيد طبيبتي جرعات الأدوية كل عدة أشهر
أتحسن قليلًا ثم أعود وأقع في الحفرة داخل قلبي مجددًا
أفهم لماذا كنت تشرب كثيرًا
إنها هوة لا يمكن ملؤها
إنه فراغ يمكن أن يبتلع كل شيء.
أنا الآن في الثامنة والعشرين
مر عيد ميلادي ببطء وثقل شديدين
وأفكر الآن بأني أريد أن أصل إلى الثلاثين
سأجرب التأمل
وحمامات الملح الإنجليزي
حتى أني سأجرب الصلاة إذا لزم الأمر
لا أريد أن أموت
لا أريد أن ينحرني الألم
لا أريد للهوة في قلبي أن تبتلعني أيضًا
أريد أن أعيش
أن أصير شاعرة غير منتحرة
هل يمكن لهذا أن يحدث؟
لا أعرف
لكنني في منطقة مظلمة
وأحاول الخروج منها
أتسلق وأتسلق
ولا تسعفني أظافري
وأحيانًا أرغب أن أعوي مثل كلب يتمزق
لكني أضع ساقًا فوق ساق
وأبتسم للجميع
وقبل أن أنام
أفكر بابتلاع علبة المنوم كلها
أفكر بأن الموت مثل نوم طويل
أفكر بأن أنام وأنام وأنام
لكن جزءًا ضئيلًا في عقلي
يخبرني أن الأمر ليس مزحة
وأن من السخافة الموت بهذه الطريقة
أن من السخافة أن أموت أصلًا
ألا أستيقظ في اليوم التالي
لكن هذا ما يحدث كل يوم
ما زلت أخاف من أن أفقد عقلي ذات يوم
لكن أخاف أكثر من أن أموت
لا أريد أن أموت يا ماتي
لكن أحيانًا لا أريد أن أعيش أيضًا
أنا مثلك فقط خائفة
خائفة جدًا.
بقلم الشاعرة ٱلاء حسانين… مصر
Discussion about this post