الإنتظار على بوابة السّهلة …
بقلم … مرتضى التميمي
أأدخلُ ؟
لا ..
كيف أدخلُ في حضرةِ الغيبِ
أحملُ هذي الذنوبْ
ففي خاطري ألفُ جرمٍ يساورني في المساءِ
ويمنعني أن أتوبْ
وحين تمرُ الوجوهُ أمامي
تلوح الندوبْ
أحاول أن أقتفيها ولكن خلال اقتفائي
أضعت زمامي
وضيّعتُ دربي مع البوصلة
ولست أرى للوصولِ طريقاً لكي أسأله
جلستُ على الدربِ منكفئاً والعيون تراني
تمرُ سنيني شريطاً أمامي
وتختزلُ العمرَ مثل الثواني
وحين الوقوف على لحظاتي السعيدةِ بؤساً
فقدت اهتمامي
ورحت أصبّ انكساري
وكل الوعودِ التي عبرتني بجامي
لأسكرَ في الحزنِ مدّكراً من بقائي
صديئاً بهذا المدى المترامي
وأحمل بين يدي كبريائي
وأنثره مثل قشٍّ تبعثرُهُ الريحُ كل نهارِ
أريحُ جبيني على الرملِ
أكتسبُ العمقَ في سجدةٍ ودعاءِ
فتغرقُ روحي وأنقذها قبل أن تتلاشى
فأملؤُ روحي وأكسر قبلَ امتلائي إنائي
لأصبحَ في غفلةٍ من حريقي قِماشا
وأترُكني في القيامة من دون ماءِ
وأمشي ويمشي انكساري ورائي
وأدركُ أني إلى الصمت أمضي ولكنني أتماشى
لأن الضغوطَ أحالت عظامي فِراشا
لأن الهواء الرديء أماتَ على رئتي الإنتعاشا
أسيرُ على وهم هذا السراطِ
ويزداد دربي انكماشا
لأصبحَ رملاً تناثرَ فوق البلاطِ
تسيّرُهُ الريحُ كيف تشاءُ
وتفتحُ قلباً بدون نياطِ
فيهربُ من بالهِ في المدى الكبرياءُ
وترحلُ منه السماءُ
تراودهُ دائماً ( سورةُ الشعراءُ )
وتجلسُ في بالهِ الأنبياءُ
يزيلون مما ألمَّ بهِ كل سورة
ويُملون سِفراً من الدمع تبدو عيون
النزيفِ على حظّهِ مستديرة
تسيلُ البراءةُ منها بدون وقوفِ
يحاولُ خدُ الزمانِ بأن يمنح الوجه
سحنةَ فرْحٍ أخيرة
وأن يقطفَ الحبَّ قبلَ النزيفِ
لكي تصبحَ الأمنياتُ جديرة
ليجلسَ تحت وجومِ الخريفِ
يزيلُ من الدربِ مليون وجهٍ
رسى في فم الحزنِ عند الجروفِ
وداست عليه السروفُ الأجيرة
وألبسَهُ الإحتلالُ رداءَ المذلّة
وكيف نسى العالمُ السيءُ الغادرُ
بأنّ البلادَ بلادٌ مسلّة
وأن الأصمّ وإنْ عاش
في فوّهاتِ الردى شاعرُ
وإنْ جاءهُ يقتفي أثَرَ الماءِ في قلبهِ غادرُ
فأيبَسَ أهله
تفيض عليه حدائقُ بابلْ
وترسمُ في حلمهِ ألفَ قُبلة
وتهوي إليه السنابلْ
ويحملُ طلعَ النخيل إليه وليُّ
توارى عن العينِ حتى يجيءَ بيوم الظهورْ
تلوحُ على وجههِ لغةٌ ثانية
ويكبرُ فيُّ
لكي نستظلّ به عند يوم النشورْ
وينمو عليه الكلامُ الوفيُّ
يمدُّ الجسورْ
لكي نعبرَ المستحيلَ خفافْ
لكي ننتقي بعد كل الجراحِ التي كوّرتنا ضفافْ
ونجلس فيها وتهوي علينا التمورْ
بعد أن قزّمتنا السنينُ العجافْ
ونجلسُ ننتظرُ الغيثَ كيف سيهمي
وكيف سيمحو الإلهُ مع الحزن مليون همِّ
وقفتُ على الوعدِ في ( سورةِ المؤمنون )
وقفتُ طويلاً عساهُ يجيءُ
يفسّرُ ما جاء في الآية العاشرة
أنا الذائبُ الهامشيُّ الرديءُ
لأفهمَ إرثي الذي سوف
يدخل قبلي إلى الآخرة
وأفهم معنى بقائي وحيداً على البحر
أنتظر الباخرة
يغادرُه للغياب الهدوءُ
ويكبرُ فيهُ الشموخُ البريءُ
متى سوف يأتي الذي يملؤ الروح حكمة ؟
متى سوف تذوي الهمومُ المُلمّة ؟
متى سوف أنسى سنين انتظاري ؟
فإني أعيش على شفةِ الإنهيارِ
متى أستفيقُ وأعلم في أي وقتٍ سوف يأتي قطاري ؟
وكيف لمن عاش في الحزن والوعدِ
مذ ألف عامٍ بأن يتغابى
ويدري بأن السماءَ التي أغلقت عن رؤاه السحابا
تعدُّ له للقاء المعقّدِ في الغيب بابا
تعالَ فإن قلوبَ المحبين شوقاً تسيلُ
تعالَ فإن اللقاءَ جميلُ
تعالَ لأن الصحارى تئنُّ من البعدِ تنتظرُ الزائرَ الأخضرا
فكل العيون التي أتعبتها الذنوب تنوء من البعد حتى ترى
وكل القلوب الوحيدةِ تدري بأن مجيئك صكٌّ من الله ليس يباعُ ولا يشترى
تعال فإنا نعيش بها عيشة القهقرى
تعال لتحيا رفاتٌ وتبعثُ فينا قرى
فيا سيد الصابرين الذين اجتباهم إلهُ المروءة
متى سوف نلمحَ وجهاً نبيّاً
تفيض على وجنتيه النبوءة؟
العنوان الإنتظار على بوابة السّهلة
بقلم … مرتضى التميمي
Discussion about this post