نتذكرها في #يوم_المرأة_العالمي
حكاية السيدة أم صابر.. شهيدة الشرف والعفة والكرامة
كتب … خطاب معوض خطاب
قرية أم صابر قرية مشهورة في مركز بدر بمديرية التحرير بمحافظة البحيرة وهي أول قرية تم إنشاؤها بمديرية التحرير ويوجد بها مسجد مشهور باسم مسجد أم صابر تم افتتاحه في أواخر ديسمبر 1954، كما يوجد شارع وعدد من المدارس بمحافة الأسكندرية يحملون نفس الاسم، وتنسب القرية إلى السيدة أم صابر التي شرفت بالكتابة عنها في كتابي “أصل الحكاية” الصادر عن دار غراب للنشر والتوزيع، وهي كانت فلاحة مصرية من الإسماعيلية ومتزوجة من محمد خليل دسوقى المزارع بمنطقة أبي حماد.
وفي أثناء الإحتلال الإنجليزي لمصر توجهت السيدة أم صابر إلى منطقة التل الكبير مستقلة سيارة نقل عام “أوتوبيس”، وكان من المقرر أن يمر هذا الأوتوبيس بنقطة تفتيش إنجليزية عند المحجر على مسافة قريبة من منطقة التل الكبير، وهذه النقطة كانت واحدة من نقاط التفتيش الكثيرة التي أقامها الإنجليز في قرى ومدن منطقة القناة بعد اتساع حركة المقاومة الشعبية ضد الإنجليز قبل قيام ثورة 23 يوليو 1952.
وعندما وصل الأوتوبيس إلى نقطة التفتيش توقف لكي يقوم عساكر الإنجليز بتفتيش الركاب، وعندما جاء الدور على أم صابر لكي يفتشها العساكر الإنجليز رفضت هذه السيدة القروية بكل إباء وشمم أن تمتد إليها يد أحد منهم لتفتيشها وسط ذهول الجميع رفضت أن يمد أي عسكري إنجليزي يده إلى جسدها أو يلمسها، وعلى الفور ودون تردد ما كان من عساكر الإنجليز إلا أن أطلقوا عليها الرصاص عندما قاومتهم ولم تسمح لهم بتفتيشها، لتصبح أم صابر أول سيدة شهيدة مصرية في الإسماعيلية بل في منطقة القناة كلها أثناء فترة الكفاح المسلح ضد الإنجليز في ذلك الوقت.
وأم صابر ذكرها الشاعر السوداني الكبير الدكتور تاج السر الحسن في قصيدته الشهيرة “آسيا وأفريقيا”، وبعد العدوان الثلاثى على بورسعيد وتحديدا في سنة 1957 قامت المطربة أحلام بأداء أغنية اسمها “حمام البر” كانت من أروع الأغاني الوطنية التي لحنها محمود الشريف وكتب كلماتها صلاح جاهين وذكر فيها اسم أم صابر كما ذكر اسم منطقة “التل” في هذه الأغنية:
“ياما راح نسمع بشاير
طلي ياما يا أم صابر
مابقاش عالجسر غيرنا
غادر ماشي يتسلى
مابقاش عالتل غيرنا
والحبايب بتناصرنا
يا حمام انزل في خيرنا
والقط الغلة
يا حمام البر سقف
طير وهفهف
حوم ورفرف
على كتف الحر وقف
والقط الغلة”
هذه حكاية أم صابر السيدة التي تعتبر نموذج للمرأة المصرية ذات العفة والشرف والكرامة وكانت سيرتها يوما ما تجوب مصر كلها بل والمنطقة العربية كلها، لم يحفظ لنا التاريخ صورة للسيدة أم صابر ولكن تخيلها الفنانون ورسموها وكتب عنها الكتاب والصحفيون، ولكن للأسف الشديد مع الوقت تم نسيانها مثلما تم نسيان تاريخ كل أبطال وعظماء بلدنا، وكأنه من المقصود أن يتم تهميش دور هؤلاء الأبطال وإهمال سيرتهم وبروزة من لا يستحق حتى تغيب القدوة الحسنة الطيبة عن الشباب فيصبحوا بلا قدوة وبلا رمز فتضيع هوية الأمة!.
لماذا لا تدرس سيرة هذه السيدة وأمثالها من البطلات والأبطال المصريين ليأخذ منهم أولادنا وبناتنا الأسوة والقدوة، فلو نظرنا حولنا لوجدنا جميع الأمم تهتم بتاريخها وأبطالها وتضعهم في المكان الذي يليق بهم لتتأسى بهم الأجيال الجديدة، فمتى نفيق من غفوتنا تلك؟، أم أننا حقا وكما يقال عنا: “أمة تجيد أشياء لا يقدر عليها غيرنا!، فنحن أمة تأكل أبطالها”؟؟؟!!!
Discussion about this post