أبو الحكم مات
كان
لا يختلف الناس كثيرًا
حول اسمِه
لقبٌ أم كِنية؟
كان
حتى في نعاس الضحى ، وهو في سوق القرية ، يغفو على كرسيّه الخيزران،
يسند ذقنَه إلى ممسكِ عكّازِه
“لا يجب
أن تطامن العنقُ، ولو في الكبْو ، كالهداهد”
وكواحدٍ لا يطيق العزلةَ
فما من زحامٍ إلا وتلمع صلعتُه العريقة فيه
مات أبو الحكم
ولم يعُدِ الشبابُ من غرباتهم
كي يمنحَ أكثرَهم حنينًا ، إبريقًا من الفضّة
ولا أعراسَ كي تتبارى الصبايا
بالبحّة البلدية للعتابا
فتحظى أحلاهن صوتًا بطوق عقيق
مضمومٍ بأصابعه الماهرة
ومنذ آخرِ حصاد
لم يحكمْ لسباق الأولاد؛ يركبون عيدانَ المكنسِ كأحصنة
ويربح أوّلُهم سفطًا من الرّاحة المعطّرة
مات أبو الحكم
وانفضّت حصى المنقلةِ تحت الكراسي المقلوبة على بُرَك الدّم
فلم يربح أكثرُ الأصدقاء صبرًا
شاهدةَ قبر من الرّخام
منحوتًا اسمُه بالكوفيّ عليها
مات
كان
لايكبر
وينام أقلَّ من ديك
ليصحوَ على رائحة الأرض
كعاشقٍ أبديّ، يسقي شجرَ المقبرة
ويكنس بعروقِ يدَيْه
القبورَ المُعدّة لموت مفاجئ
لم يمت وحيدًا
فمعه الروضةُ بكامل أراجيحها
وكذلك صناديقُ الخضرة
التي وهبت ظَهرَها لوحًا للحساب
معه عدّةُ السباق
والهدايا
ووعدُه بعلبة تلوينٍ
اذا كتب الطفل بيتين من الشعر بلا خطأ
أو عدّد أسماء ثلاثة من أدباء المهجر مقرونة بعنوان كتاب واحدٍ لاثنين منهم
أوتلا عن ظهر قلب آيةَ الكرسيّ
أو ما تيسّر من سورة مريم
مات
وما كان يعرف
أنه ، وهو اللحّاد الوحيد ، سيكون بلا قبر
بقلم سلام حلوم
Discussion about this post