✓ الاستثمار في تفعيل دور النخبة في المجتمع•
✓بقلم د.بوخالفة كريم_ الجزائر🇩🇿
فليس إضافة جديدة القول إن كل مراحل التحول في مسارات المجتمع هي بحاجة الى جهد استثنائي تنهض به النخب باعتبارها صاحبة امتياز معرفي وقدرة على اقتراح البدائل وعلى تصور استراتيجيات النهوض الاجتماعي وبناء مقاربات التقدم.
فتحقيق النقلة من مرحلة الى أخرى ليس حكراً فقط على الفاعل السياسي والمقاول الاقتصادي بدليل أن النخب كانت تساهم بشكل واضح في مسارات المجتمع وعمليات التحول السياسي، وساعدتها على اقتراح البدائل والمقاربات. فالنخبة بحكم خبرتها قادرة على المشاركة في عملية تجديد المجتمعات من جهة وإعادة بناء شخصيتها القاعدية من جهة أخرى.
فهذا الرأسمال من الخبرة والذكاء الفكري والقدرة على التحليل لا يمكن أن يستهان به أو أن يهمش بل، على النقيض من ذلك، يكون أفيد للمجتمع عامة وللفاعل السياسي خاصة أن يوفر له مجالاً من الحرية والقدرة على الفعل. فلم يعد مفيداً للمجتمعات أن تتعامل النظم القائمة مع النخب وفق منطق الاستيعاب والتوظيف والدمج قصد تبرير السياسات ودعم الاختيارات وتزكية الفاعل السياسي على الرغم من وجود قبول بعض المثقفين لذلك. فقد تكون هذه النخب متقبلة، طواعية أو إكراهاً، لمثل هذه الوظيفة التبريرية واللاتاريخية، ولكن ذلك يعني ضمناً تقبلها لثنائية عسيرة الهضم وهي ثنائية الاستبداد والفساد. فمثل هذه الوظيفة لا تساعد على مشاركة النخبة في عملية التحول المجتمعي وإنجاز النقلة الديمقراطية وبناء المجتمع المدني وإعادة خلق الشخصية القاعدية في أي مجتمع من المجتمعات. وتتأكد وظيفة النخب النقدية خاصة في مجتمعات الجنوب التي تحتاج بصفة ملحة الى احترام الكرامة البشرية وتقديس حقوق الانسان وتكريس علوية الدساتير والقوانين على ما سواها. فالنخب قادرة على اجتراح الحلول وبناء التصورات وعلى الإصداع بالقراءة الصادقة.
إن إتاحة الفرصة للنخب كي تطور أداءها وتشارك في عملية تفعيل التحول الديمقراطي والنهوض بالحياة السياسية والاجتماعية والمدنية والجمعياتية يعد قيمة مضافة الى حركية المجتمع وتدعيماً لمصداقية المؤسسات القائمة. وأما إذا ما حصل العكس وتعطلت فرص المشاركة والتعبير السياسيين، فإن ذلك ربما يجعل عملية التحول الديمقراطي في الأقطار العربية معطلة ولا يساعد على إنجاز الانتقال الديمقراطي بشكل مرتب وعلى اقتراح القدوة.
فحيثما يعطل المثقف وظيفته النقدية ويتنازل عن سلطته الفكرية، فإن ذلك يجعله يتوقف كذلك عن اقتراح البدائل التي يحتاجها المجتمع بل يصبح مجرد متفرج على الواقع.
Discussion about this post