ما عادَ يرغَبُ في البُكاءِ..
ذاك الذي يُحدِّقُ جامِدًا
تَحجَّرتْ مُقلتَاهُ و رُوحُهُ جَمَدَت..
اِحتَبَسَ فِيه الشّعُورُ
بما حَوالَيْهِ يَدُورُ
على مَدى ذاكَ العَراءِ ..
ما عَاد يرغَبُ في البُكاءِ ..
إنّما .. في زَمنِ التّطبيعِ العَربِيِّ
اِكتَفَى بالتّطبِيعِ مع أَوْجاعِ ثُكلِهِ ..
بَاتَ يُدثِّرُه مَطَرُ الشّتاءِ ..
فِراشُهُ طَمْيُ السّيُولِ
خَضّبَ ” ايزيسُ” طِينَهُ
بِدمٍ .. و ماءٍ ..
لا بَيتَ .. لا سَقفَ
لا مَوقِدَ .. يَأوِي إليه مِن الصّقيعِ ..
إنّما تُقلِقُ الذّكرَى كَرَاهُ..
يُدفِئُ الشّوْقُ رُؤاهُ
يَحضُنُ جَدبَ الوِسادَةِ..
و فِي البَالِ صَدرُ أمٍّ
تَرقُدُ تحتَ التّرَابِ
رُوحُهَا عِندَ السّماءِ ..
ما عادَ يَرغَبُ في البُكاءِ ..
جفَّ مَاءُ العَينِ مِنهُ
جمَّدَ الإحسَاسَ فِيهِ
مَشهَدُ أحجارِ بَيتٍ
مزّقَ أوصالَ أهلٍ شَيّدُوهُ للأمانِ
فإذا الجُدرَانُ فَنٌّ
يُبدِعُ الحَتْفَ نُحُوتًا
مِن بَقايَا.. مِن شَظايَا و أشلاءٍ ..
أيّها الصّامِدُ قَهرًا
خُذْ زِمَامَكَ .. اِمتَطِ فَرَسَ زمَانِكَ ..
نَحنُ الذين ثُكِلنَا
بَين الرُّمُوسِ ظَلَلنَا
خَلْفَكَ مَحضَ هَباءٍ …
بقلم الشاعرة كوثر بلعابي
Discussion about this post