من مَحطّاتِ الحياة.
اختَارتْها الأقدَاْرُ منذُ طُفُوْلَتِها ، لتكونَ عيّنةً نوعِيّةً لتَجاربها ، فدَخَلتْ معتركَ الحياةِ وحيْدَةً ولا زالتْ في ساحِهِ، تقطُبُ كُلُومَها بخيوطِ شراييينها ، وتعقّمُها بدموعها ، كاْتِمَةً زفيْرَها ، وآهاتِ أوجاعها النّوعيّة في صندوقِها الصّدري الذي يُغايِرُ لونُه لون محتواه الْخَضيْبِ ، ثمّ تتابعُ مَسيْرَها واثقةَ الْخُطا لدرجة أنّكَ تَغْبَطُها ، أو ربّما تَحْسُدُها على الحال الذي تبدو فيه.
استُشْهِدَتْ مِئات المرّاتْ ،واعتُقِلَتْ وسُجِنَتْ مَعْنَويّاً لعدّة عقودٍ ، لكنّها صَهَرَتْ بِنيرانِ احتراقِها مفَاْتيحَ السّجوْنِ والْمُعتقلاتِ ، يُحرّرُها شَغَفُها بالحياةِ الكريمةِ، و لكن دونَ أن تنجوَ من قروحِ القلْبِ والْجَسَدْ.
ودونَ أنْ تَعْثُرَ على نَبْتَةٍ من يقطين تستشفي بها ، حيْثُ لم يبقَ أمام سجّانيها ، ومُعْتَقليْها سوى إحراق مايُحيْطُ بِها من خضارٍ بعدَ فشلهم من ترويْضِها علّها تموتُ بقروحِها وجروحها.
وفَاتَهُم أنّ بِمُسْتَطَاعِها إحياءَ مختلفِ أشكالِ اليباسِ، ، حيثُ أنّ خزينُ الأخضرلَديْها ليْسَ مُصْطَنعاً،بل وَلُودَاً في داخلها، وهيهاتَ منها الاستكانة .
فهي من حقّقَتْ الكَثِيْرَ من الْمُعْجِزاتِ ، فيما لو علموا حجمَ العقبات ، والتّهْدِيْداتْ التي وُضِعَتْ في طريقها ، ومازالت بازديادٍ توضع.
خُذِلَتْ كثيْرَاً ممّن ظنّتْهُم يُشْبِهونَها ، ويَحْرِصُونَ على تَمِيّزِها ، إذْ لمْ تَكُنْ تتصوّر أنّ زيفَ الشّيَاطِيْنِ البشرية من الأباعدِ أو الْمُقَرّبين بمستطاعِهِ أنْ يَهْدِمَ صُرُوحاً أصيْلَةً
من البناء الإنساني.
سَجَرَتْ بِحارَأحزانها، وجلستْ على شواطئها تَبْتَكِرُ ألحانَ الامتنان التي لايفهم سيمياءها إلّاهي، ومن يستحقّ الامتنان.
جَمعتْ إرهاصاتِها، و شَظايا خَيْبَاتها، ورمادِ اشتعالها ، وبعثتْ نفسَها من جديدٍ كطائرٍ ضنّ على الْعُلَماء باكتشافِه. مُعمّدةً بِطُهْرِمكنوناتها التي منّ بها عليها الخالق، والتي صقَلَتْها بجهدها ، مستعدّةً لمرْحَلَةٍ ترجو بها حسنَ الإنطلاقِ، ونور الإئتلاق.
****
بقلم: الباحثة التربوية الإعلامية:د. شفيعه عبد الكريم سلمان/ سورية.
من مجموعتِي القصصية ” نُسْغُ السّنْديَان”
Discussion about this post