* لحظة وجد،،،،،
بقلم الشاعر أ.د. حسين علي الحاج حسن
وتعود الأيام الخوالي متحدية وجودنا مرة جديدة، كأن الزمن الذي كنا نعيشه معها، بات يخط صورها الهاجسة من سكون الصمت، وكأن أحلامنا فيها، كانت قد ازدانت من ألم الذكريات المهاجرة، لتكتب بيننا مودتها التي ما بارحت ليالينا. وهي لم تأتينا بغتة لتحاكينا بوجدانها الخافت، بل كنا فيها النغمة التي تهاجر من ضيم البكاء، وتهجدات الأفكار التي عصفت فيها حروف الندم. كأنه كان عليها أن تعود إلينا ذكرياتنا الصاخبة مرة جديدة، كمن عادت إليها نبوءة التأله، فصاغت بيانها،.. ونحن فيها عتبى من شتاتنا وأحلامنا. وهي لا تدري ما حالنا، ولا تعرف أنيننا الذي تفتق في غمرة اليأس والهيام.. عن أنشودة الهيام، وإذ بالقادم في زماننا، يبحث عمن كنا معه يوماً، نرتع ونصلي ونحاكي مكنوناتنا فيه بصمت. وذكرياتنا ليست دفاتراً مخفية ولا كتابات مقروءة أو مركونة في زاوية من زوايا البيوت الساكنة. بل هي الصمت الباقي من أنين الكآبة التي طافت في أرجاء دنيانا الهجينة من سكنات الأيام الخاملة، التي تخبر عما اكتنزت به نفوسنا الهائمة والضائعة في مجاهل الأزمنة، التي تبحث عن حضورها.. وكنت حينها أقلب ذاكرتي بين الفينة والأخرى، علني أعود إلى ذاتي.. بعد طول غياب عنها، وأكاتب سكنات الفؤاد، إذ لربما تلك السكنات تدرك، أني أتوق إلى سبر أحلامها. كمن يأتي من البعيد بحثاً عن مكنونات خافتة كانت لديه،.. فكل ما كان بيننا ، كان قد أصبح الحلم الخافت الذي يتلاشى مع الزمان، كأنه ما كان يوماً.. فتتوالى بيننا الأسئلة متسابقة لذهني،..
ترى ما سبب ذلك؟، هل لأني هجرت السكنات؟ أم لأن الهدوء من العيون الوالهة بيننا كان قد هرب إلى من يختفي في ظل الوجود، فتأتيه الأصدية متملقة بين أثير الصدى وسكون الليل الغامق؟.
ما بين الأمس واليوم، كانت الحكايات المتوالية ، التي كنا نرتع فيها ونصبو إليها،.. فتعصف بنا ذكرياتنا الهاجسة، و كنا فيها نرتق أعذارنا، ونتعاهد كل يوم وهنيهة… فالحياة قاسية وتحتاج لمن يواجهها في الحيلة تارة والمواجهة طورا ً آخراً، إلا أننا كنا أولئك الذين تهادوا إلى بعضهم واجتمع لديهم قنوت الهادئين..
كنت مرة جديدة أعود إلى ذاتي بحثاً عن بقايا الآمال المكنوزة، علني أدرك من أكون في زمن التملق والغفلة والهذيان، كأن الكون كله كان معك في محاكاته الصامتة قد انتفض وتمرد بعد سكونه إذ فجأة ادرك أنه ذاك المجهول في غفلة الحاضرين.
أحياناً، كنا بحاجة إلى الركون لأنفسنا والعودة بها إلى اصالتها ومراتبها، من أجل سموها الذي ننشده، علنا ندرك مدى القرب إلى الذات الهادئة، وعلنا نستكين إلى مبتغى مناجاتنا الصادقة، وعلنا نرتقي إلى خلودها في الأزمنة المتعاقبة، إذ لربما ساعتذاك تأتينا نسائم الآمال. وتتوالى الأيام مسرعة، فتعود بنا إلى سالف الأزمان، و تسير بنا بخطى متراكضة إلى البعيد، ونحن نمشي خلفها في طريق الذكريات.
بقلم الشاعر أ.د. حسين علي الحاج حسن
Discussion about this post