سعاد شيحى تكتب **** التحرّش ***
بقلم الكاتبه الجزائريه سعاد شيحى .
هناك العديد من الظواهر الإجتماعية الموجودة في وقتنا الحالي تحاول تفكيك الروابط بين المجتمع وبين الأسرة.
خاصة في الوطن العربي ومن بين هذه الظواهر ظاهرة التحرش الجنسي.
فقد أصبح التّحرّش الجنسي منتشرا بشكل رهيب وفي جميع الأماكن العمومية وأحيانا. أمام مرأى الجميع. والدّليل على ذلك ارتفاع نسبة التحرش الجنسي في العالم وخاصة في دول العالم الثالث . وقد تعدّدت اساليبه سوى عن طريق اللمس. او اللفظ أو التّعدي الجسدي إلى أن وصل إلى الإغتصاب والعنف . حيث يتعرض كل سنة النساء للتحرش الجنسي وبنسب متفاوتة معلنة خطورة الظاهرة. ليصنف المتحرش كحيوان غريزي يريد إشباع رغبته الجنسية متى اراد ولا يهمه المكان أو الزمان أو المحيطين به. ولا يقتصر التحرش على الأنثى بل وصل الحد إلى التحرش على الذكور سوى قصرا او بالغين و أحيانا التعدي على الحيوانات فقط يهمه إشباع رغبته أو غريزته الحيوانية و أفراغها، والضحية طبعا الطرف الأضعف وهي دائما المرأة او القاصر (ذكر او انثى) ليتبادر لأذهانا سؤالا واحدا وهو هل التحرّش مرض نفسي او كبت جنسي؟
هل تستسلم المرأة وترضى بالواقع بما أنها الطرف الأضعف؟ وهل هي السبب في جلب المتحرَش والإعتداء عليها؟ بما أنّ هذه الظاهرة المنتشرة في المجتمع ولا يقتصر الأمر على فئة الشباب بل وصل الأمر لفئة الكهولة وأصبحت في تزايد مستمر . وهل القانون لم بنص على العقاب عليها؟
هل هذه الظاهرة لها آثار على المجتمع وعلى الفرد والمرأة بصفة خاصة؟
هل المتحرَش لديه أسباب ودوافع ومبرّرات لهذا الفعل؟
للإجابة عن هذه الأسئلة حول هذه الظاهرة والتي غزت المجتمعات عبر العالم وخاصة المجتمعات العربية، فإجابتها لها اتجاهات متضاربة، فلكل اتجاه ورأي ووجهة نظر. وكلّ أجاب عنها حسب ما يراه مناسبا للمرأة وثقافته ووعيه ومدى استدراكه لهذه الظاهرة.
1/ اتجاه قال أنّ سبب التحرّش لباس المرأة وتمرّدها واختلاطها وإبراز مفاتنها وخروجها للعمل او الدراسات العليا فإذن هي تتحمل نتيجة ذلك كما ينص عليه القرآن الكريم في قوله تعالى : « وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ۖ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا » سورة الأحزاب.
وقد تعرّض هذا الإتجاه إلى نقد حيث يرى آخرون إن كان لبس المرأة سببا للتحرش. فما هو سبب التحرش على القصر والذكور و المرأة المحتشمة او ذات لباس محتشم وكذلك الحيوانات.
2/ اتجاه آخر ربط التحرش الجنسي بنقص الوعي في المجتمع ونقص التربية كما لاننسى الارشاد الديني فهناك من بادر بتكوين جمعيات ومنظمات تجمع مختصين في علم النفس وعلم السلوك الاجتماعي للحدّ من هذه الظاهرة والقيام بالتوعية.
وهناك من اراد تشديد قانون العقوبات الذي ينص على معاقبة الاعتداء والتحرش الجنسي. وهناك أيضا من ساند وناضل ووقف مع المرأة المتضررة. عكس مانحن عليه الآن حيث يُنظر للمرأة كأنها جزء من الجريمة ويحملها المسؤولية كاملة لتضطر في النهاية إلى التنازل والاستسلام عن حقها ولا تطالب بضررها لدى القضاء خوفا من الفضيحة التي ستلاحقها مدى الحياة. خاصة في مجتمع لا يرحم فتلجأ العائلة إلى الكتمان والتستر حفاظا على الشرف. والخاسر طبعا الضحية ليعود عليها بأمراض نفسية وأعراض جسدية. حيث يبقى سيناريو الإغتصاب يدور في ذاكرتها مما يؤثر على حياتها فتلجأ في أغلب الأحيان إلى الإنتحار لأنه السبيل الوحيد للتخلص من هذا الكابوس. وبهذه الطريقة يحس الجاني انه في موضع قوة وأن الطرف المتضرر ضعيف وخائف ليزداد اصرارا على المواصلة. وهنا يصبح المجتمع مسؤول على هذا الاتجاه.
بالنسبة للتربية فمعظم المتحرشين من المدمنين بالمخدرات و مذهبات العقل فيرتكب جريمته دون إداراك ووعي. وهنا نحمّل الأسرة المسؤولية في توجيه ومراقبة أبناءهم خاصة فترة المراهقة.
بمتابعة سلوكهم وعدم مراقبة محتوياتهم وخاصة الأجهزة الإلكترونية وحقائبهم الشخصية.
3/ اتجاه ثالث ربط التحرش الجنسي بالدّين فيحمّل المرشد الديني المسؤولية في التوجيه والارشاد. فالمتحرش ينقصه الوعي الديني والابتعاد عن طريق ﷲ واتباع نفسه وافكاره حيث يذهب عقله بالتأثر بالثقافات الغربية والتي هي دخيلة على المجتمع الإسلامي كالاستماع للاغاني ومشاهدة الأفلام البطولية او الإباحيّة لهذا لا بدّ من نشر الوعي الديني في اوساط المجتمع. حتى هذا الإتجاه لا يفيد وقد تلقى نقدا لادعا من طرف المتعصّرين والعلمانيين فهناك من بررها بتحرش بعض الأئمة والمتدينين المزيفين على الأطفال كما يتداول على مسامعنا فمثل هؤلاء خذلوا الاسلام و المسلمين ولم يوصلوا الرسالة كما هي.
4/ ربط هذا الإتجاه بالتحرش الجنسي بالمكان ليبرره بتواجده بالقرى والأرياف فقط بدافع الأمية والجهل في هذه الأوساط واحتكاك الفرد بالحيوان فالحيوان ليس له عقل فيلاحظ الفرد التزاوج بين الحيوانات امامه كأنه جزء من حياته اليومية مما يثير شهوته ويدفعه للتحرش او الاعتداء.
وهذا الاتجاه خاطيء مبررين ذلك بالتحرش في الاماكن العمومية وأمام الملأ وخاصة في الإدارات والجامعات وو..
وإذا كان السبب الامية فماذا عن الاستاذ او الدكتور او الطبيب او المسؤول؟ فيبقى الجدل قائما حول هذه الظاهرة ومستمر فالمشرّع الجزائري نص عليه في قانون العقوبات وحدد عقوبتها بالمادة 341 مكرر من قانون العقوبات يعاقب بالحبس من شهرين إلى خمس سنوات وغرامة مالية مقدرة ب50الف دينار جزائري (بما يعادل 640دولار ) و الى 100 الف دينار جزائري (1280 دولار) كل شخص يستغل سلطته او وظيفته او مهنته عن طريق اعذار او اوامرللغير بالتهديد او الإكراه او ممارسة ضغوط عليه قصد اجباره على الاستجابة لرغباته الجنسية وإذا كانت الضحية قاصرا من 10 إلى 20 سنة اذا كان المعني من الأصول أو فئة من له سلطة على الضحية او كان موظفا او من رجال الدين ترفع العقوبة في هذه الحالة الى السجن
وإذا إستعان بشخص آخر او أكثر ترفع العقوبة إلى السجن المؤبد.
— هناك بعض الحلول للتقليل من هذه الظاهرة من بينها.
_ الدورات القضائية في الاماكن العمومية والتجمعات
_ القيام بحملات توعية واسعة في كل الاماكن لفىة الشباب خاصة.
_ انشاء متظمات وجمعيات للدفاع عن ضحايا التحرش.
_ التوعية الدينية خطب بالمساجد. عبر مواقع التواصل الاجتماعي . الاذاعات والتلفزيون.
_ التربية الصحيحة داخل الأسرة.
لتبقى هذه الظاهرة عالة على المجتمع من آثار تخلفها للضحية. كالانتحار او المرض النفسي او الهروب لاماكن بعيدة. تفكك الاسرة في المجتمعات المنغلقة كالطلاق او القتل او الشرود الذهني.
التحرش ظاهرة من عصور قديمة تطورت الوسائل والاماكن بتغير المجتمع حيث اصبح التحرش من الواقع الى التحرش الالكتروني وقد نصت مواد قانونية على هذا النوع من التحرش.
هدفت الدراسة الحالية إلى معرفة مستوى الآثار الاجتماعية والانفعالية الناجمة عن التحرش الجنسي الموجه إلى فئة النساء و الاطفال والمراهقين ، وأشكال العنف المجتمعي السائد في الوطن العربي. تكونت نسب الدراسة من (71 بالمئة) مراهقاً ومراهقة، منهم (36 بالمئة) من الذكور و(35بالمئة) من الإناث
Discussion about this post