(إدمان )،،،،،،
بقلم سامية البابا
فلسطين
سميرة ابنة السابعة عشرة من العمر ، لها صديقة تدعى هبة تكبرها بسنتين كونها قد رسبت في الصفوف الأساسية و كانت هذه الصديقة ذات شخصية قوية تهابها كل الطالبات لأنها اكبر منهن ، و كانت هي خط الدفاع الأول بالنسبة لسميرة تدافع عنها ، كونها شخصية خجولة تربت في بيئة محافظة لم يسمح لها بالاختلاط بالمجتمع . فكانت هبة بموقع الصديقة و الأخت و المرجع لها في الأزمات .
شعرت سميرة يوما و أثناء الحصة الثالثة بمغص شديد في البطن لكنها خجلت من رفع إصبعها للإستئذان و بقيت تعاني الألم حتى انتهاء الحصة و الخروج إلى الفسحة ، لاحظت هبة شحوب وجه سميرة و اصفراره و تعثر مشيتها فاقتربت منها و سألتها : ما بك يا سميرة؟
قالت : لا أعلم سبب ما أصابني ، إنه ألم شديد في بطني!!
فردت هبه : لربما هي الدورة الشهرية يا أختي ، لكن لا عليك ، فالحل عندي . فأنا معي دواء و سوف أحضره لك .
انتظريني هي حبة في حقيبتي ، و بإذن الله ما هي الا دقائق وسيزول عنك الألم و المغص.
و قبل أن تجيبها سميرة بالموافقة أو الرفض عادت هبه إلى غرفة الصف و أحضرت معها كأس ماء و بيدها الأخرى حبة دواء ، ابتلعتها سميرة على عجل ليزول الألم و لم تتحقق من اسم الدواء ، كانت ثقتها كبيرة بمن اعتبرتها صديقة و أخت .
ما هي إلا دقائق معدودة و قد زال الألم فحمدت سميرة الله أن رزقها بمثل هذه الأخت الحنونة الطيبة .
في اليوم التالي و في نفس الوقت تقريبا شعرت سميرة بطبول تقرع رأسها و صداع لم تعهده من قبل فسارعت إلى هبة قائلة : أختي و صديقتي الغالية بالأمس كان بطني يؤلمني و قد شفيت على يديك بحمد الله ، و اليوم أكاد أموت ألما من رأسي ، فهل عندك علاج لذلك؟؟
قالت هبه : دقائق يا عزيزتي و سترين مفعول هذه الحبة التي اشتريتها بدولار لكنك أنت عندي بمئات الدولارات.
الغريب في الأمر أن سميرة أصبحت تعاني في كل يوم و في التوقيت نفسه من تلك الأعراض و لا تجد علاجا إلا عند صديقتها التي كانت تعطيها حبة الدواء السحرية !!!
في البداية كانت تعطيها العلاج بلا مال ، و بعد ذلك أصبح الوضع مختلفا أصبحت تطلب بثمن الحبة دولارين ، مما جعل سميرة تمد يدها في جيب والدها مرات كثيرة ، و إن لم تستطع جلب المال تكلفها صديقتها بأمور لا أخلاقية لأنها للأسف الشديد أصبحت مدمنة مخدرات دون أن تدري .
و أصبحت علاماتها المدرسية سيئة بعد أن كانت ممتازة .
بدأت حالة سميرة النفسية و الصحية تتدهور و لاحظت المعلمة تغيرا في سلوكها و مستواها الدراسي فقد أصبحت سميرة عصبية المزاج دائمة التوتر ، تواصلت الأخصائية المدرسية مع أهلها لمحاولة معرفة أسباب هذا التغيير المفاجئ .
لكن قبل زيارة والد سميرة للمدرسة حدث ما لم يكن في الحسبان، فقد تم ضبط سميرة و هي تحاول سرقة المال من إحدى زميلاتها لتتمكن من الحصول على تلك الحبة المشؤومة.
واجهت المعلمة سميرة أمام والدها و تساءلت عن سبب ما يحدث معها ، فثارت سميرة و انفعلت و أنكرت محاولة السرقة كما أنكرت أي تغيير في سلوكها ، و تقرر فصلها من المدرسة .
لكن الإدمان كان قد تمكن منها ، وكانت بحاجة ماسة إلى الجرعة فماذا تفعل ؟ لم تجد بداً من الاتصال بصديقتها هبة لتنقذها من تلك الأعراض التي تعتريها كلما احتاجت إلى جرعة من المخدر، وافقت هبه على إعطائها الحبوب بشرط أن تترك سميرة منزل أهلها و تذهب إلى حيث تسكن هبة .
وبالفعل غادرت سميرة منزل أهلها_ بعد أن كان والدها ألزمها البقاء في البيت بعد أن فُصلت من المدرسة _ لتسقط في براثن الخبيثة هبة التي استقبلتها بالحفاوة و الترحيب الذي لم يدم طويلاً ، فبعد عدة أيام كشفت هبة عن وجهها الحقيقي القبيح، و طلبت من سميرة القيام بأمور غير أخلاقية مقابل جرعة المخدر، و رضخت سميرة و وقعت فريسة سهلة لصديقتها هبة، و انجرفت إلى عالم الإدمان و القذارة .
و بعد عدة سنوات تتوقف سيارة فارهة أمام باب مدرسة ، و تنزل امرأة تبدو عليها علامات الثراء تتأمل طويلا للمدرسة التي طردت منها يوماً، و تبحث بين الطالبات عن فتاة خجولة لتجعل منها نسخة أخرى من سميرة القديمة .
Discussion about this post