والعلم والحقائق والتجربة والخبرة والأدلة والواقع والتفكير المنطقي لاتخاذ الخيارات والقرارات بدون الخضوع للانحيازات الانفعالية او المسبوقات المذهبية ، أو التلقينات الخرافية، أما غياب وتغييب العقلانية
فهو طبيعة بشرية أصيلة،فالدماغ البشري تطور بشكل غريزي انفعالي نتيجة مؤثرات مرحلة ما قبل الوعي ما قبل الزراعة وما قبل الإجتماع وما قبل القرية،ان تحرك البشر نحو العقلانية
كان متدرجاً وبطيئا ومتعثراً ومازال هشاً ومتذبذباً، وقد تطورت العقلانية
في بلدان الغرب قبل سواها فانتجت الفلسفة ثم العلم ثم الحقوق والحريات،وذلك نتيجة ظروف تاريخية معقدة وتنوع وتفاعل وتنافس كبير بين دول اوربا المختلفة
وصراع شديد بين بقايا الديانات القديمة
وفشل محاولات فرض وتوحيد الديانات المسيحية كسلطة وحيدة
بمعنى أن العقلانية في الغرب لم تكن اختيار واعي بل كانت اضطرار واقعي لظروف تاريخية فيما بقيت بعض المجتمعات
متخلفة عن ركب العقلانية مثل مجتمعاتنا
لأن الاضطرار الواقعي للعقلانية لم يصل الى مستوى معقول يلزم العقل الاجتماعي العربي
بقبول الهدنة والمصالحة السياسية التي تنشئ وتمهد لظهور الديمقراطية والاعتراف بالتنوع
وقبول تعددية الآراءوالأفكار، بل بالعكس كانت الظروف المحلية والبيئة الاجتماعية
تجعل الناس يشعرون بالأمان عند غياب التفكير ويشعرون بالقلق واحتمالية الإقتتال والفتنة عند ظهور بوادر اي تفكير و هذا ما ادى الى منع التفكير ومنع دخول الطابعة ومنع الصحافة ومنع حرية التعبير… الخ.
ان العقلانية ساعدت الغرب في التحرر من عالم السحر والشعوذة والفكر الساذج والسطحي ومن العادات البالية والخرافات واعطت للعقل وللفكر الحرية رغم ان توجه الغرب نحو العقلنة والتنوير والثورة الفكرية على الفكر الكنسي كان حتميا لانها كانت تعيش تقهقر سمي بعصر الضلمات الى ان الطريق نحو العقلانية كان مخططا له من قبل مفكرين وفلاسفة… وحتى المحيط او البيئة الاجتماعية الاوروبية آن ذاك كانت مؤهلة للتحول الجذري من العلاقات التقليدية العاطفية الى العلاقات التعاقدية والحرية الفكرية والاقتصادية…
اما في المجتمعات الشرقية المتخلفة مازال المحيط فيها غير عقلاني فهو يرفض اي تجديد على مستوى البناء الاجتماعي حتى انه يقاوم التغيير ويرى التفكير والمفكرين على انهم مجموعة مجانين يغردون خارج السرب ومنه فنحن كدول عالم ثالث لا نملك بيئة اجتماعية مؤهلة للعقلانية بل نحن لاعقلانيين بامتياز مادمنا نعتمد ونحتكم الى منطق اجدادنا في تسيير انظمتنا الاجتماعية وحياتنا اليومية.
Discussion about this post