بقلم د.بوخالفة كريم _الجزائر🇩🇿
يقال :
” كل دجاجة هي ماكرة إذا كان كاتب الرواية ثعلبا “..!
ومن هذا فان رواية الغرب لأحداث الشرق الأوسط جعلتني اشك في رواياتهم عن الحرب العالمية الثانية وقصتهم عن الحرب العالمية الأولى وكل الحروب التي خاضوها.. وكل المعارك التي انتصروا فيها، فهل كان هتلر مجرماً حقاً كما يصورون؟ هل كان الهنود الحمر متخلفين كما يزعمون ؟ هل كان شعوب استراليا الاصليين متوحشين كما يدعون؟
انني اشك في كل ما دونوه عبر التاريخ فهم يزورون الحاضر ونحن عليه شهود عيان فماذا عن الماضي ونحن منه غائبين، يحرفون المشهد ونحن نراه، يغيرون الوقائع ونحن نعيشها فكيف نأتمنهم على نقل الماضي.
ان التاريخ مكتبة عبث بها الأقوى وقبل بها الأضعف، وهو رواية صاغها المنتصر وروج لها المنهزم. وستظل هذة الرواية تكتب بحروف من ذهب طالما القلم بيده والحبر حبره والدفتر دفتره. فالتاريخ يصنعه من قبض على القلم، فالتاريخ يكتبه الاقوى والمنتصر دائما.
لم تحقق الحضارة الغربية كل هذه الهيمنة على العالم بلا دعاية؛ إذ لا يكفى التقدم التقني وحده لتحقيق ذلك.. وشأن كل منتصر يحرص على ألا ينازعه أحد في سرد روايته، والرواية الغربية، كما تشير وقائع التاريخ- بها من الثقوب ما يكفي ليعرقل انتشارها، ولذا فقد كان الراوي الغربي فى حاجة إلى إخفاء جرائم التاريخ القريب والبعيد، ومن هنا وجدت النزعة «التطهرية» التى تعيد تقديم الراوية فى كمالها وبهائها، بعد استبعاد كل ما ينتقص منها..!
واللافت فى الأمر أن هذه النزعة التطهرية لم تكن من أعمال السياسيين وحدهم، وإنما اشترك فيها الجميع من منتجي الفنون والثقافة ومن الأكاديميين أيضًا، بما يعنى أنهم طَوّعوا المنهاجية العلمية لتقديم رواية تاريخية جديدة تتبرأ من الحروب والمجازر والانحياز.. لقد روّجوا الزيف باعتباره علمًا، أو قل إنهم أرادوا للرواية أن تبدو مقنعة، ويتقبلها الجميع باعتبارها كذلك..
لا يبنغي هنا أن تغفل فكرة الفردانية باعتبارها جوهر هذه الحضارة، بكل حمولتها من القسوة والأنانية.. فالفردانية هنا فردانيتان: الأولى داخلية تخص المجتمعات الغربية ذاتها، وهي مقدمة أصيلة للحروب الغربية الغربية كما أشار «دوستويفسكي»، والأخرى هي فردانية المجتمع الغربي نفسه فى مواجهة المجتمعات الأخرى، باعتبارها مقدمة ضرورية للمركزية الغربية بكل حمولتها العنصرية ونزعتها الإمبريالية.
ولكن رغم هذا حسب اعتقادي نحن نعيش عصر انهيار المفاهيم الغربية أمام الجشع المادي. ومنه ستكون نهاية الفلسفة الغربية! يبدو أننا نشهد انهيارها فعلا فالحرية أصبحت قمعا، والعدالة أصبحت ظلما، والحقيقة أصبحت كذبا، والإحتلال أصبح صاحبا، والعالم أصبح خرابا، والمقاومة أصبحت إرهابا، والحقوق أصبحت باطلا، والقتل أصبح دفاعا، والظلم أصبح عدلا واضف ما شئت. كان المؤكد أنها ستنهار لكن بأي طريقة ستنهار؟ هل ستنقلب! أم سيقع آنهيار مفاجئ؟ نتيجة التطور المادي الهائل، ولطالما كنت أقول في نفسي أن الغرب وصل لمرحلة القمة وأنه سينهار انهيار ساحقا ولن يكون إنهياره بطيئا أبدا ولعل هذه الحرب جعلت مفاهيمه الرنانة تنهار إنهيار مخزيا لم تشهده اي فترة مضت.
Discussion about this post