تجديد افكارنا الوحدوية ضرورة حتمية .
نوفل محمد
عندما نشأت فكرة الوحدة العربية بصيغتها الاولية في نهاية القرن التاسع عشر كانت معطيات تلك المرحلة الزمنية تختلف تماما عن المرحلة الحالية . في بداية ضعف السلطة العثمانية اخذت تمارس الوان الظلم و العدوان على الشعوب الاخرى التي كانت تحكمها و من بين هذه الشعوب شعبنا العربي .
و من هنا بدأ المثقفون و الأدباء و المتعلمين العرب و كل فئات الشعب الاخرى بالاستياء من التصرفات العثمانية ذات الطابع القومي العنصري . فبدأت حركة لا ارداية داخل الأمة العربية تشدها نحو الاستقلال و بناء كيانها العربي المستقل بذاته .حيث كانت اهداف الحالمون بالاستقلال و الوحدة اهداف بسيطة ببساطة ذلك الزمن و اهله حيث تمثلت اهدافهم بنيل الاستقلال عن السلطة العثمانية و بناء كيان عربي موحد من نجد و الحجاز الى الرباط و نواكشوط .
ثم بدؤوا بإنشاء الجمعيات العربية السرية و العلنية و اخذو يعلنون شيئا فشيء عن اهدافهم و افكارهم و مع مرور الزمن و تغير الاحداث و الضعف العام الذي اصاب السلطة بدأت مجاميع من هذه الأمة بتوسيع نشاطهم و حركاتهم حتى حصلوا على وعد من المملكة المتحدة بتحقيق جميع اهداف العرب في حال تحالفوا معهم .
و فعلا تم هذا التحالف عن طريق الشريف الحسين بن علي و خاضوا حربا ضد العثمانيين فكانت النتيجة ان نقضت بريطانيا بوعدها مع العرب . و لم تحقق لهم الدولة المنشودة بل جزأتهم الى دول و ممالك فرضيَّ من تسلم زمام الامر بهذا الواقع . من هنا بدأت مرحلة جديدة بنيت على أسس تنظيمية من خلال تأسيس الاحزاب الوطنية ذات التوجهات العروبية و بدأت تطرح اهداف الوحدة و المساواة و العدالة و الحرية .
و عرفت هذه المرحلة الكثير من الاحزاب و الشخصيات القومية و تبنت شعارات الحرية و الاشتراكية و الوحدة ( مع اختلاف الترتيب ) . مما يعني ان هذه الشعارات مضى عليها اكثر من ثمانية عقود فهل تستطيع ان تعيش بدون تجديد و تطوير . و هل من الممكن تحقيق هذه الشعارات في الوقت الحاضر نحن لسنا في صدد الاجابة عن هذه الاسئلة و لكن يجب علينا ان نطور اهدافنا و شعاراتنا القومية لنتمكن من تحقيقها . لو جعلنا التعصب و العاطفة جانبا فأننا يمكن ان نبدأ من جديد و بأهداف تتماشى مع الزمن و تواكب الواقع .
فمثلا هدف الوحدة الاندماجية اصبحت صعبة التطبيق فلماذا لا نعمل على هدف الاتحاد بين اقطارنا العربية على غرار مجلس التعاون الخليجي عربيا او الاتحاد الاوربي عالميا .
و في حالة اعتماد هذه الافكار فأنها أسهل تطبيقا . لو سعينا الى تشكيل مجلس تعاون عربي و تكون اهدافه عملة عربية واحدة و الغاء جواز السفر بين الاقطار الغربية و سوق عربي مشترك و سياسة خارجية موحدة و حرية تنقل رأس المال العربي و الايدي العاملة و رفع الضرائب عن التجارة البينية و بناء جيش عربي موحد و توحيد مناهج التعليم و عدم تدخل اي دولة عربية بالشؤون الداخلية لدولة عربية اخرى ( اذا كانت لا تمثل تهديدا للتعاون العربي ) . ان هذه الاهداف اكثر قبولا عند الجماهير العربية و اقرب للواقع من اهدافنا الحالية ( مع اعتزازنا بها ) . لذلك علينا ان نعمل بجد و و نشاط من اجل تسويق هذه الاهداف في حال اعتمادها كأهداف عربية عليا . و ان نبذل كل جهد من اجل اعادة صياغة ورقة عمل تماشي واقع الامة لتكون اهدافنا واقعية و مستوحاة من رحم المعاناة و ان نضع خطط عملية للنزول للشارع و ترويج افكارنا و اهدافنا الجديدة لكي نحصل على دعم جماهيرنا في الوصول الى الهدف المنشود . فهنا يقع على المثقفين و الكتاب و الادباء و الشعراء من حملة الفكر العروبي واجب ايصال و توضيح اهداف الامة للمواطن البسيط و ان نبين للشعوب الاخرى بأننا امة معطاء متجددة و اننا اصحاب رسالة تتطور مع الزمن و اهدافنا ليست جامدة بل قابلة للتغير من جيل الى اخر حتى تحقيق امانينا .
………………………………
مقال غير منشور
العراق / الموصل ٢٨ / ٥ / ٢٠١٢
Discussion about this post