في الأمس أسميتَني المرآة، وكنتُها لك صادقة..
لكنّك كنتَ تقف أمام مرآتك وتخبّئ عنها عورتك!
كنت تحرص على غبار يحاول حجب عينها..
واليوم، أقولها والأسف يعصف قلبي، ظننتك أسمى من أن تراهن على الغبار الذي يحاول تمويه المشهد.. ظننتك أنبل من أن تخدع نفسك، وأعمق من أن ترضى بانعكاس أسطح، ظننتك أذكى من أن تسمح بخسارتك، وأنضج من أن تدخل في لعبة صغار الحب، ظننتك أكبر من ذلك بكثير..
ولأني أحبك رأيت نفسي – من وراء الغبار، وكان يخنقني – أناديك، وأحثك أن تتمرّد على البين، وتمسحه….. حتى أراك كاملا وأستطيع عناقك إلى الأبد، حتى تخلع خوفك العنيد وتضعه وراءنا.. وكانت غلطتي! فلو احترمت قدسية ما بيننا ما كنتَ فعلت.. ولو احترمت نفسك لكنتَ احترمتَ ندائي.. لكنّك سقطتَ في قاعٍ سحيق بعد محاولاتي الصادقة والباكية في انتشالك، فخذلتَ نفسك وخذلتني…..
وفي النهاية، كان خوفك على الغبار أكثر من خوفك على مرآتك.. يا ويلك، كان جل خوفك على غبارك أن يبقى مكانه! أي غباء هذا؟! فها أنا تركتك له وتركتك فيه، هنيئا.. ولكن ماذا استفدت؟
ربما استفدت من عنادك في محاولة المحافظة على صورة – مشوّهة، لكنك خسرت نفسك..
كنت الوحيدة التي تستطيع عناقك وأخذك وانتشالك.. كنتُ كنزك بعد ليالي الفقر وبوصلتك بعد الشتات.. كنت لك سندبادة الحياة التي تسافر فيك ومعك إلى عوالم من سطوع.. فأي جنون هذا الذي جعلك ترضى بالسقوط المرّ بعد تحليقٍ فوق غيم؟ وأي خذلان هذا الذي طعن الأحلام ونكّل بالوعود؟
أمّا بعد،
أين التجلي الحر الذي توهم نفسك به؟
لا لست حرا، ولم تكن يوما..
وكم يعز علي أن أرى هذا فيك..
الحرية تنبع من الداخل مطلَقة ومنطلِقة نحو العالم كل العالم، واثقة منكشِفة، فلا حرية في الخفاء.. إني أراك مملوكا لوهمك، بحرية مُبكية مُضحكة، وأنا بالطبع لا يليق بي رجل ليس حرا.. ولن أرضى به يوما……
بقلم رولا ماجد
Discussion about this post