بقلم د. بوخالفة كريم _الجزائر
لا شيء يملأ فراغ الذات الراهنة مثل عمق الكآبة. عَرض سايكو – انطولوجي جديد ينضاف إلى قائمة أعراض ومتلازمات إنسان ما بعد الحداثة وإنسان الحاضر. كثيرون جداً هم الكئيبون والقلقون والعدميون الذين باشروا ظهورهم مع إطلالة ما بعد الحداثة بكل أشكالها وتعيناتها وتلويناتها. إنها نغمة حزينة وخاملة ولاشك، لكنها نغمة كآبة متعلقة بالنظام نفسه (نظام العالم). ثمة حزن فلسفي عميق يخيم على أرجاء العالم. ربما هو حزن الجموع الأخيرة. الجموع المعتكفة على نفسها أو المنكسرة حول ذاتها بلا حول ولا قوة.
على أن الكآبة في زمن الديجتال هي “أقنوم” وليست مجرد حالة أو عارض حضاري. إنها تعادل أقنوم الفروسية في عصر اللوردات، أو أقنوم التقدم في عصر التنوير. لكن أقنوم الكآبة هذا يعبر عن نفسه، في انكسار الذات، لا في انعكاسها. في تداخلها، لا في تخارجها. في انكفائها وانعقافها حول أوهامها ووساوسها الذاتية، لا في تجليها. ثمة ما يشبه عطالة انطولوجية مزمنة، أو “نرسيسية حزينة” وخاملة تمثل الشكل الجنائزي لعالم تحول إلى مرايا طاردة في كل الاتجاهات.
دعني أقول بطريقة مكثفة:
نحن شهود على نغمة الكآبة المُعممة. هنا حيث يغرق البشر في الكآبة بلا سبب وجيه سوى قوة النظام وتماسكه العنيف..
Discussion about this post