بقلم : سردار علي سنجاري
في مثل هذا اليوم 25/11 من كل عام يحتفل المجتمع الدولي باليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة . ولاهمية مكانة المرأة في المجتمع ومنزلتها المقدسة وجب علينا ان نساهم في صياغات فكرية قد تكون مخرجا لبعض النساء من قوقعة الخوف او التردد في مطالبة حقوقهن الدستورية والشرعية .
عندما نتحدث عن المرأة فاننا نعني بها الام والاخت والزوجة والزميلة والكادحة والمعلمة والقاضية والمحامية والمهندسة وربة المنزل وهذه ان جمعت فاننا لا نتحدث عن نصف المجتمع كما يشاع بل عن المجتمع باكمله. فعجبا كيف لنا ان نهدم مجتمعا قائما على الوفاء والعطاء والحب بايدينا بسبب نزعتنا الرجولية التي لا دليل على وجودها في اي دستور او شرع سماوي عدا القدرة الفيزيولوجية التي خصها الله تعالى بالرجال عن النساء اي استخدام القوة ضد الطرف الاخر . وهذه الخاصة جعلها الله تعالى في الرجال من اجل حماية المرأة والمجتمع من اي اعتداء ، وليس من اجل الظلم والاضطهاد والعنف المفرط بحق من هم اقل قوة . ومن هذه الحالة بدات المرأة تعاني الاضطهاد الجسدي والعنف وفي بعض المجتمعات اصبحت ظاهرة ومفاخرة اضطهاد المرأة . إذا ما تعمقنا بأسباب العنف وأخذنا على عاتقنا معالجة تلك الاسباب فاننا مع مرور الوقت قد نصل إلى ما وصلت اليه بعض المجتمعات المتقدمة في التعامل باسلوب العدالة والمساواة مع المرأة وضمان حقوق المرأة وصيانة مكانتها وكرامتها .
ان العنف ضد المرأة هو سلوك عنيف متعمد موجّه نحو المرأة، ويأخذ عدة أشكال سواء كانت معنويّة أو جسدية، وحسب تعريف الأمم المتحدة فإن العنف ضد المرأة هو السلوك المُمارس ضد المرأة والمدفوع بالعصبيّة الجنسية، مما يؤدّي إلى معاناة وأذى يلحق المرأة في الجوانب الجسديّة والنفسيّة والجنسيّة، ويعد التهديد بأي شكل من الأشكال والحرمان والحد من حرية المرأة في حياتها الخاصة أو العامة من ممارسات العنف ضد المرأة. إن العنف ضد المرأة انتهاك واضح وصريح لحقوق الإنسان إذ يمنعها من التمتع بحقوقها الكاملة، وله عواقب خطيرة لا تقتصر على المرأة فقط بل تؤثر في المجتمع بأكمله كما ذكرنا سابقا لما يترتب عليه من آثار اجتماعيّة واقتصاديّة خطيرة على المجتمع باكمله ومن الجدير بالذكر أنّ العنف ضدّ المرأة لا يَعرف ثقافة أو ديانة أو بلداً أو طبقة اجتماعيّة بعَينِها بل هو ظاهرة عامة وان كانت تلك الظاهرة تتفاوت بين مجتمع واخر حسب الثقافة المجتمعية وأخلاقيات المجتمع .
تتعرض المرأة للعنف لعدة أسباب، قد يجتمع عدد منها في الوقت نفسه وتتشابك، مما يؤدي إلى أذية المرأة بشكل أكبر وأعنف سواء من الناحية النفسيّة أو الجسديّة، وترجع أسباب العنف ضد المرأة إلى دوافع اجتماعية ونفسيّة واقتصاديّة موضحة كما يلي:
– الدوافع الاجتماعيّة: إن العوامل الاجتماعيّة من أبرز الدوافع لارتكاب العنف ضد المرأة، وتشمل العوامل الاجتماعية تدني مستوى التعليم وتفشي الجهل بين أفراد المجتمع، وبالتالي سهولة التأثُّر في المعتقدات الخاطئة المُتعلقة بشرف العائلة والعفاف والتي تنتشر في المجتمع والبيئة المُحيطة، إلى جانب تبنّي وجهات النظر الداعية إلى فرض القوة الذكورية والتي تظهر على شكل العنف الجسدي والجنسي على حد سواء.
– الدوافع النفسية: إنّ العوامل النفسية التي تشكلّت في شخصيات مُرتكبي العنف ضد المرأة في الصِغَر تؤثر بشكل كبير في سلوكياتهم والتي تظهر على شكل سلوك عدائي في الكِبَر؛ ومن أبرز هذه العوامل النفسية تَعرُّض مُرتكب العنف للإيذاء بأي شكل من الأشكال في طفولته، أو وجوده في بيئة أُسرية تنتشر بها حالات تعنيف الأبوين، أو اعتداء الأب على الأم بأي شكل من الأشكال، إلى جانب اضطرابات الشخصية التي قد تُؤدي إلى خلق شخصية مُعادية للمجتمع.
– الدوافع الاقتصادية: تُعدّ العوامل الاقتصادية من أكثر دوافع العنف ضد المرأة التي تشهدها عدة مجتمعات في وقتنا الحالي؛ والسبب في ذلك يعود إلى الضغوطات الاقتصادية التي تُعاني منها شريحة واسعة من المجتمع، وتدني المستويات المَعيشية، وتفشّي البطالة والفقر، حيث تُشكل هذه الأسباب مُجتمِعَة ضغوطات نفسيّة كبيرة على مُعيلي الأُسرة، التي تتصادم في كثير من الأحيان مع نزعة المرأة الاستهلاكية.
اننا في الوقت الذي نشارك فيه المرأة يومها في يوم اللاعنف ضد المرأة والتي أقرته الامم المتحدة تطالب المرأة وبالأخص الشرقية ان تناضل من اجل حقوقها في المجتمع الرجولي او الذكوري حيث يتميز المجتمع الشرقي بصفة خاصة دون غيره من المجتمعات الأخرى بأنه مجتمع رجولي من الدرجة الأولى حيث يأتي الرجل دائماً في المقدمة في كل الأساسيات التي يتطلبها بناء المجتمع بمعنى آخر أنه مجتمع ذكوري حيث تغلب عليه صفة الذكورة أكثر، فالمجتمعات الشرقية أساساً مرتبطة بنظم وعقائد دينية وفي نفس الوقت أيضاً بعادات وتقاليد اجتماعية لا تسمح بظهور المرأة على سطح المجتمع إلا بالشيء القليل وفي نطاقات وحدود ضيقة وفي مجال عمل نسائي أنثوي بحت بمعنى آخر فإن العرف السائد والنابع أساساً من موروثات الدين والتقاليد لا تعطي المرأة حق الاختلاط بالرجال مهما كانت الأسباب والدوافع وإن كان هذا الأمر الديني المرتبط بالمرأة أساساً قد أخذ بالتلاشي والفتور بعض الشيء نتيجة للمتغيرات الاجتماعية الحديثة التي طرأت على المجتمعات العربية والشرقية بشكل هاص ولمسايرة المفاهيم الغربية والتي هي عادة ما تكون مفاهيم مادية صرفة تدعو بضرورة مشاركة المرأة للرجل في بناء المجتع من منطلق أن المرأة هي نصف المجتمع وانها الجزء الثاني المكمل للرجل والى ما ذلك من هذه المفاهيم التي سادت في المجتمع الشرقي .
في يوم اللاعنف للمرأة نقف إجلالا لكل نساء العالم اللواتي ضحينا بحياتهن من اجل حقوقهن وقدمنا نموذجا مشرفا من النضال سواء في المجتمعات الغربية التي وصلت فيه المرأة الغربية إلى حقوقها الدستورية عبر معاناة ومشقة كبيرة او المرأة الشرقية التي تناضل اليوم وتحاول الوصول إلى حقوقها الدستورية والاجتماعية والاقتصادية.
Discussion about this post