بقلــــــم : لميـــــــاء العامريـــة …الجزائر
غالبا ما تنتشر ظاهرة الثرثرة في امور السياسة والاقتصاد في شعوب الدول التي تتسم بالصبغة الثورية ، ويعزى سبب ذلك في اغلب الاحيان الى شعوب الدول التي تشهد اوضاعا غير مستقرة سواء على الصعيد الاقتصادي او الامني بعكس الدول التي تشهد استقرارا واضحا وعلى مديات بعيدة وحقب طويلة من الزمان ..
وما تشهده المنطقة العربية من احداث ومتغيرات متعددة ومنها حجم الصراع العربي مع ( اسر/// ائيل ) وتطورات القضية الفلس//طينية
ومعارك غزzة الاخيرة ( طوفان الاقصى ) ومواقف الحكام العرب تجاه الحرب الدائرة والموقف العالمي منها جعل العديد يخوض في غمار العلوم السياسية انطلاقا من التعاطف الشعبي والثوري العربي مع الشعب الفلسطيني والغزّي الصابر المجاهد الذي يقاتل نيابة عن الامة العربية والاسلامية جميعا وما يناله من الوحشية العسكرية للعدو الاسرا// ئيلي والحصار المرير منذ سنوات ، غير ان الثرثرة واللغط السياسي الذي يحدث هنا وهناك وعلى مواقع التواصل الاجتماعي او المقاهي والاماكن العامة يأخذ منحى آخر بعيدا عن الفهم العميق والمنطق السليم في علوم السياسة والعملية السياسية فيلقى باللائمة على هذه الدولة او تلك وعلى وجه الخصوص دول المواجهة اي التي ترتبط بحدود متصلة بفلسطين كمصر والاردن وسوريا ولبنان ..
بداية يجب ان ندرك ان للسياسة قواعد واسس ولست هنا في معرض الدفاع عن هذه الدولة او تلك ، فمن المعروف ان عملية ( التطبيع ) المشؤومة مدانة من القاصي والداني شكلا ومضمونا ومعنى التطبيع اي اقامة علاقات وتفاهمات واتفاقيات اقتصادية وسياسية وامنية وسياحية وغيرها من الاتفاقيات الثنائية بين اي بلدين في العالم في ظل ظروف دولية طبيعية ..
اما اتفاقيات السلام فغالبا ما تكون بين دولتين او اكثر متصلتين بحدود مشتركة تقوم بينهم صراعات مستمرة يعقد بعدها اتفاق للسلام يقوم على اسس انهاء حالة الصراع ، وقد حدث هذا بين الكثير من دول العالم
وبالتالي فأن معاهدات السلام في هذا الحال يكون امرا طبيعيا .
ما حدث في مارس عام 1977 بين مصر واسرا//ئيل وعقد اتفاقية السلام في كامب ديفيد كان بعد صراع وحروب اقتضت هذه المعاهدة على الانسحاب من ارض سيناء ثم تلتها اتفاقية ( وادي عربة ) عام 1994بين الاردن واسرا// ئيل للاتفاق حول قضية الضفة الغربية للاردن وترسيم الحدود لما قبل حرب النكسة عام 1967 ..
هذه الاتفاقيات الزمت الجانبين بعدم الاعتداء العسكري بين الطرفين ..
وقد سبق السيف العذل واصبحت امرا واقعا شئنا ام ابينا كشعوب عربية تقف موقفا ثوريا ونضاليا تجاه جوهر قضيتنا العربية والمصيرية ( فلس//طين ) ، ولنأخذ هذا جدلا وافتراضا بحكم الظروف التي اقتضتها المرحلة والخطاب السياسي آنذاك عقدت هذه الاتفاقيات مع رفض شعبي عربي عارم حتى من شعبيّ مصر والاردن ، رغم ان هذه الاتفاقيات لم تلزم حكومتيّ الدولتين التخلي عن التزامهما العربي عن جوهر القضية العربية وان كانت ضربة في صميم النضال العربي والفلسطيني
اما التطبيع العربي بين دول لا تصلها اي حدود او جوار او حتى صراع مع اسرا//ئيل كالإمارات والبحرين في عام 2020 ثم تلتهما السودان والمغرب فكانت الاوجع في خاصرة الامة العربية والفلسطينية على وجه الخصوص ..
وفي ظل الاحداث الجارية والمعقدة دوليا واقليميا ، وحرب روسيا واوكرانيا والموقف الاوربي تجاه اوكرانيا ، والصراع الروسي الغربي الذي يهدد الوجود العالمي ، وحجم الصراع الخفي بين المعسكرين الروسي والامريكي في سوريا وافريقيا ، ومع المساعي التي تحذر من اتساع حجم الصراع والحرب الدائرة في غزة الى دول اقليمية عربية واسيوية قد تصل بالعالم كله الى حرب كونية تعود بكوارثها على العالم كله دون استثناء .. وهذه الحقيقة تدركها وتعي ابعادها الحكومات العربية وغيرها .. وكأن العالم يقف على حافة الجحيم ، لذا اكتفت الدول العربية بدعم القضية الفلسطينية وكلّ حسب استطاعته ومواقفه المبدئية والعربية
سواء بتقديم المساعدات او في لغة الخطاب السياسي ، وكان بإمكان هذه الدول ممارسة انواع الضغوط على القوى العالمية منها الاقتصادية وعلى الاخص في قطاع النفط والطاقة كما حدث في حرب اكتوبر عام 1973
.. فالسياسة في حقيقتها هي حرب دائرة لكن بلغة مبهمة وهي جزء من قواعد اللعبة السياسية والتي تدير الاوضاع المعقدة ، وفق رؤى هميقة للخريطة السياسية والتي تقتضي تنوع الخطاب السياسي وحسب المرحلة والاحداث العالمية والاقليمية وماهية المخاطَبْ ..
وعودة للغط السياسي والثرثرة بين الافراد والمجموعات والتي كما اسلفنا في بداية المقال والتي غالبا ما تكون اندفاعا عاطفيا وغالبا ما تكون اجتهادات بعيدة عن المنطق والفهم الشامل لقواعد السياسة وادارتها فتلقي التهم والاحكام والآراء جزافا على هذه الدولة او تلك والتي بالتالي تؤدي ان مشاحنات وجدالات عقيمة تخلق حالة من التصدع بين الشعوب العربية ( افرادا وجماعات ) وخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة في الوقت الذي يجب ان تتركز الجهود على كيفية دعم القضية الفلسطينية شعبيا وعلى المستوى العربي والعالمي ..
لقد انتصر اصحاب الحق عالميا كما انتصروا بوقفة الشعوب العربية وهم قادرون على المهمة الاصعب وهي الحفاظ وبكل قوة على روح الانتصار فيهم وفي كل طفل وامرأة حرة فلس//طينية …
انها ارض المقدسات الطاهرة ، وارض الرباط والنصر والصبر ومعقل الاحرار .
Discussion about this post