(قصة قصيرة) بقلم الشاعر توفيق النهدي … تونس
انتقل من المدرسة الى المعهد كان كبيرا مع الصغار، أصبح صغيرا مع الكبار.
يتفحّص الوجوه خاصة أقسام الباكالوريا الذين كانوا يفوقونه سنّا وأناقة وجاذبية.
كل شاب تصاحبه إحداهن يتجاذبا أطراف الحديث في ساحة المعهد.
حتى وقعت عيناه على إحداهن وهي تحضن محفظتها الصغيرة
كانت ممشوقة القوام أنيقة الهندام وجهها كنور الصباح في الربيع المشرق، تسمّر في مكانه أخذت لبّ كيانه.
تمرّ الأيام وهو يتابع بصمت سكناتها وحركاتها حتى تغيب كشمس الأصيل وراء طاولة قسمها، كان يتابع حتى صديقاتها لعلّه يراها أو يرى من يراها.
خارج المعهد يَتبَعها وهو خلفها حتى بيتها ليبقى برهة يتمنى لو لحقها حتى مخدعها ليطمئن عليها.
لم يكن جسورا، يخجل أن يفاتحها أو لِعَيبٍ كان فيه، فهو من غير طبقتها، كان يتيما مُعدما متواضع الجمال والاقبال.
خوفه وخجله من المبادرة حرمه من عشقه الأول إذ في إحدى الأيام يرى حبيبته التي لا تره أصلا، في لقاءٍ ضاحك مع أَحَدَهم يتبادلان الحديث والمودة.
كان يوما حزينا مؤلما له، لملم شتاته وانكمش في آخر القسم في طاولة معزولة كعزلته القاتلة، المؤلمة.
أصبح يمرّ على الديار علّه يراها أو يسترق نظرة من بعيد ليسهر بها في ليله الطويل الكئيب.
تتوطد العلاقة بين حبيبته وحبيبها ويخيب أمله نهائيا في الظفر بودّها.
تمر السنوات حتى يسمع بزواجها ورحيلها من بلدته مع زوجها الثري.
في شغله ينتقل الفتى اليتيم وقد أصبح شابا يانعا في سفرات كثيرة ومتنوعة، حتى تعرّف ذات صيف على فتاة أحلامه في إحدى الدول المطلة عبر شاطئها الهادئ على مضيق جبل طارق.
كانت تشبه إلى حد كبير حبيبته الأولى وربما أجمل انتقلت رحلته من البحر إلى بحر عيونها وشواطئ قلبها الرقيق.
أحبته كثيرا وأحبها تواعدا تقابلا، تراسلا.
كانت أياما أجمل من الخيال أحلى من الأحلام، تمر الأيام والأشهر حتى فاتحها في الزواج كانت الأرض لا تسعها من الفرحة.
وذات موعد كانا في لقاء حميمي رائع قالت لو رزقنا بولد وبنت انا أُسمي الولد وأنت تسمي البنت، قال لها يعجبني اسم نضال للبنت لانني أحب النضال في الحياة وفي القضية ولما جاء دورها قالت احب اسم فؤاد للولد، استغرب حبيبها برهة ثم سألها لماذا فؤاد بالذات لم تجبه في البداية وبعد محاولات منه وإلحاح قالت له كنت أحب من كان إسمه فؤاد، لكن صدقا يا حبيبي لقد انتهى كل شيء بيننا!!
من يومها والشاب المُلتاع في خيبته الثانية لا يفتح القاموس في حرف الخاء وكان دائما يتمنى لو تُحذف كلمة خيبة من المعاجم العربية.
Discussion about this post