مدقّة الأيام
أنا امرأة عراقية
هذا يعني أنني أكبر بالجمر لا بالعمر،
أنني اؤمن بالدمعة في الشمعة،
بالتنهيدة في التهويدة ،
بالسكّر الذي لا يذوب في الشاي،
وبالشاي المغلي في الصيف.
بحلاوة العمر القصير للفرح،
بالترقّب المرّ الذي يسمّم الايام ،
وبالساعة البيضاء والسوداء!
أنا امرأة عراقية،
لذلك ..
أنا مدرّبة على منح الحبّ وحجب الثقة،
على ريّ الشوك لأجل عيون الورد،
أمنحُ قلبي من أجل تفصيلة تلقائية آسرة،
لكنني لا أعطي منه نبضة اذا هزّه الشكّ!
أمنحُ حياتي هديّة: للحقيقة،
لعاشق باذل روحه،
لموقف انساني عابر.
لكنني لا أمنح منها يوما: لحقيقة مشوبة،
لرجل بكبرياء فارغ،
لموقف انساني أمام الكاميرا!
أنا امرأة عراقية،
هذا يعني أنني أصدّق المعجزات الانسانية،
أؤمن بوجود وجهين للنفس البشرية،
تؤمن بي الرؤى والاحلام؛
وأؤمن بها .
أرى القادم على راحة يدي؛
حين ترى نساء العالم الاصدار الجديد من حقائب Chanel!
وأغلق حقيبة الماضي كل مساء؛
لأمنح طفلا غريبا قطعة حلوى من جيبي،
أمنحُه ؛ دون أن يراني والداه في البلاد الغريبة،
أترك أثر السعادة على شفتيه وأصابعه الصغيرة،
وأرمّم ذاكرته بامرأة عراقية..
سمراءَ مثل شمس البصرة،
ببؤبؤي عنب أسود في عينيها،
وليل طويل على رأسها،
أرمّم ذاكرته بعطر الجدران المبللة بالمطر،
أخبره أنّ هذه الحلوى من بغداد ،
وأنّ هذه الشمس من بغداد،
أنّ هذا العالم الذي يدور حوله من بغداد،
أنّ هذه المرأة من بغداد،
أنّ المرارة في عينيها
والابتسامة في حديثها من بغداد،
أنّ الحزن الذي يثير فضوله..
الحزن المقيم الذي يسكن وجهها؛
هو الآخر من بغداد!
بقلم أفياء أمين الأسدي
Discussion about this post