بقلم الشاعره … حسناء سليمان
لا تقسّوا بقلوبكم …
كيف نُفسّر غسلَ أدمِغَةِ البشر ليُصبحَ القلب من حجر ؟…
تعودُ بي الذّكرى ، إذْ دَرَّسْتُ سنةً في “بيت ملّات عكار ” بعد نيل شهادة الرّياضيّات…
وكنت أول مَن نجح فيها في ضَيْعَتي الأولى (ايطو )،وفي ضَيْعَتي الثّانية(كفرزينا)…
يا للعجب!…
كيف البيئةُ المتحجّرةُ قادرةٌ ومتمرّسةٌ ، في غسلِ أدمغةِ الصّغار…
ذات يوم في تلك السّنة …ذهبنا رفيقتي “هَنا ” وأنا ،الى المدرسة الرّسميّة…
نعلّم ساعة دين …كلٌّ منّا في صفٍّ مختلف …
خطر ببالي : أنَّ الدّين هو المحبّة دون التّفرقة…
إذًا : النّقاش سيدور حول موضوعِ : المحبّة بالذّات …
في البدء، رحْتْ أتعرّفُ على أسماء الطّلّاب الصّغار …
و أعمارُهم لا تتعدّى السّابعة ربيعًا …
بعدها حاولتُ أن أستهلَّ كلامي :عن محبّة الله لكلِّ البشر …
وإذا بالبعض من الأولاد يضعون أصابعَهم في آذانهم ، كي لا يسمعوني…
ينظرون في عينَيَّ بدهشةٍ , ربّما يتساءلون …
“من أين أتت هذه الصّبيّة ،عيناها بزرقة السّماء ؟”
وعَرِفْتُ يومها …أنَّ التّعصّب على أنواعه سببُه:
دورُ الأهلِ والبيئة والبلد الّذي يعيش فيه الإنسان …
نعم !…الأهل والبيئة والبلد تُساهم في غسل الأدمغة، وإبعاد المرء عن الحقيقة ،والصّواب…
ومن المؤكَّد أنَّ الكُثُرَ من الّذين هاجروا ، قد تغيّرت قناعاتهم وقست قلوبُهم…
قد تأقلموا ومعتقدات البلد وسياسته وتطلّعاته وأفكاره…
وغُسِلَتْ أدمغتُهم حتّى أصبحوا لا يرون الظّلم…ولا يأبهون للمظلوم…
غدت أنهار الدّماء المراقة ،في عيونهم بركًا من الماء…
والحجارة المتراكمة من هدم الأبنية على ساكنيها ،تذكّرهم ببقايا بيوتهم المهدّمة …
قد تركوا منازلَهم ،فارغةً من أهلِها، فتناثرت وهوى قرميدُها يئنّ في قرقعة مؤلمة بمواجهة العواصف …
ذهبوا الى “البلاد الجديدة “,هناك دفنوا الحنين …ولن يعودوا…
نسوا أرضهم ،و أعموا أبصارهم عمّا يرونه من قتلٍ وحشيّ في شرقِنا…
و “السّلحان” المجرم يبتسم ، ليته لا يبتسم طويلًا …
كي لا يُكملَ على قتل الأطفال ،وافتعال المجازر ، والحرق والإبادة…
الإجرام أنسى الظّالم أنّه مهما تمادى …
هو : الى زوال… الى زوال…
يا ربُّ !… شاعرة الأمل والمحبّة… تسألُكَ بحرقةٍ :ألّا تتركنا!…
فَخِضَمُّ الضّياعِ يُغرقُنا ويخنقنا …
إنَّ الكاتبَ يحملُ ثقلَ المآسي في إحساسِه المرهف ويختنق …هو مرآةُ الحياة !…
أَبْعِدْ عنّا كأسًا مُرَّةً يا الله…
الظّلمُ يُضنينا ،والظّلامُ المهيمنُ في القلوبِ يَهدُّ قوانا…
بك نقوى ، ومنك نستمدُّ الرّمقَ ، وجمالَ القلبِ يا ربّي!…
الحسناء ٢٠٢٣/١١/١٠
#قلم#حرّ#يأبى #الإذلال#والوحشيّة#








































Discussion about this post