كتب/خطاب معوض خطاب
الفدائية فرحانة السيناوية
جسدت الفنانة أسماء أبو اليزيد شخصيتها في فيلم “الممر”
الفدائية فرحة السيناوية التي جسدت الفنانة أسماء أبو اليزيد شخصيتها في فيلم “الممر” الذي عرض في سنة 2019 لم تكن من شخصية من وحي خيال المؤلف بل كانت شخصية حقيقية جاهدت وكافحت وأثبتت أن المرأة المصرية وقت الشدة تفوق آلاف رجل، حيث أثبتت بأعمالها وبطولاتها وفدائيتها أن البطولة ليست حكرا فقط على الرجال، بل يوجد من النساء المصريات من تفوقت على الرجال في الكفاح والفداء والجهاد والدفاع عن مصر في مواجهة الأعداء.
وهذه السيدة السيناوية الفدائية المجاهدة اسمها الحقيقي فرحانة حسين سلامة الشهيرة باسم أم داود، وولدت في يوم 4 سبتمبر سنة 1925، وهي تنتمي لقبيلة الرياشات المقيمة بقرية أبو طويلة بالشيخ زويد شمال سيناء، وكانت قد تركت سيناء بعد حرب يونيو 1967 بسبب الاحتلال الإسرائيلي لسيناء وأقامت بمنطقة إمبابة، وهناك تعرفت على منظمة سيناء العربية التي أسسها جهاز المخابرات العسكرية في ذلك الوقت من أجل مناهضة الإحتلال، وتم تدريبها على نقل الرسائل والخرائط والأوامر من القيادة إلى رجال المنظمة والفدائيين المتواجدين بسيناء المحتلة وقتها، كما تم تدريبها على كيفية حمل القنابل والمتفجرات وتهريبها للفدائيين، بل وتم تدريبها على كيفية تفجير القنابل وإشعال فتيل الديناميت وتفجيره.
واعتادت فرحانة أن تذهب إلى مسقط رأسها بسيناء وتتظاهر بأنها تتاجر في القماش، وتتجول وهي تحمل جوالا مليئا بالأقمشة تخبئ داخله الرسائل والخرائط والقنابل والمتفجرات لتنقلها للفدائيين داخل سيناء، وكانت ترعى الأغنام في المناطق التي كان يسير فيها الفدائيون حتى تخفي آثارهم حتى لا يعثر عليهم الصهاينة، وقامت بالعديد من العمليات الفدائية التي لا يقوى الرجال على القيام بها، حيث قامت بتفجير عدد من سيارات الجيب الخاصة بالعدو الصهيوني، وتظل أكبر وأشهر العمليات التي قامت بها هي عملية تفجير خط السكك الحديدية بالشيخ زويد الذي يصل بين العريش وبئر سبع، ويومها نسفت قطارا للبضائع كان محملا بالأسلحة وبه عدد من الجنود الصهاينة.
وكان للعمليات السرية التي تقوم بها فرحانة السيناوية والتي لم يكن يعلم بها إلا قادتها فقط، مردود كبير في رفع الروح المعنوية للفدائيين المصريين، وقد أطلق الإسرائيليون لقب الشبح واللهو الخفي على من يقوم بهذه العمليات، وفي ذلك الوقت لم يتخيل الحاكم العسكري الإسرائيلي لسيناء عيزرا وايزمان أن البدوية راعية الغنم التي تتجول أمام أعين جنود الإحتلال طوال النهار ترعى الغنم وتحمل جوالا مليئا بالأقمشة هي نفسها اللهو الخفي والشبح الذي أطار النوم من أعينهم طويلا، وقد قام الرئيس السادات بتكريمها بعد نصر أكتوبر تقديرا لما بذلته من جهود وتضحيات من أجل مصر، وقام بمنحها نوط الشجاعة من الدرجة الأولى ونوط الجمهورية.
وبعدها عاشت فرحانة السيناوية في الظل حيث لم يعد يذكرها أو يهتم بها أحد، وتم تجاهلها تماما حتى وفاتها في يوم 11 أغسطس سنة 2014، وقبل وفاتها كان عدد من الصحف والمواقع الألكترونية قد قاموا بإجراء حوارات معها، والجميل أن السيدة فرحانة السيناوية كانت في جميع مقابلاتها الصحفية تؤكد أن كل ما قدمته لمصر ما هو إلا واجب وطني لا تنتظر عليه أي مقابل.
Discussion about this post