🌷 زهرة الأمل
أخبِرْني كيف نُدرك النور و البرق يمنعنا و يقصفنا و يخطف أبصارنا كي لانراه . منه تسقط شرارة السعادة المشتهاة ، ما تلبث أن تختفي و نحن نتخبّط في مستنقع الموت و الفناء نلاحقها بعناد الأطفال الأشقياء يلاحقون ميمونة ، كنّا نسمّيها كذلك و كان البعض يسمّيها زهرة الأمل ، تلك الزهرة الجافة ذات الشعيرات الحريرية الدقيقة . كنّا ننفخها فتطير عاليا و بعيدا مثل حلم جميل يتلاشى شيئا فشيئا تحت ضحكاتنا المتدفّقة مثل سيل سقسقات عصافير الجنّة الأنقياء . نقتفي آثار الضوء نحن و نعشقه .. يبقينا الضوء و إن تلاشى على قيد الوهم المرتجى هناك على آخر نقطة في الأفق أين يلتقي الثّرى بالثّريّا و يلتقي الحب بالحياة في نقطة مستحيلة لكنها مشتهاة .. هناك .. على حدود السّراب المتاخم للحلم الذي يبقينا على قيد الرّجاء . كنت أسمع إسمي يتردّد في بحيرة العدم حين رحلتُ عن هذه الحياة .. خالدا ظلّ بعد الرحيل طيفي يتجلّى مثل النور يسّاقط من نخل البوح و الكلمات . كنت ممتدّة في الزّمن رغم ما حدّده لي العمر ، قال هنا خطوطك الحُمْرُ .. نفُذ مخزون نبضك فلا تجتازي أعتابا بقوّة الأقدار .. أغمضي عينيك و نامي نومة ما قبل العبور .أفرغي ما في شريانك من دماء ، و أسلمي ما في جعبتك من توق الرّمق الأخير . أعدّي للحظة الرّحيل ما يليق من اليأس و العجز و البكاء .. لم يتبقّ غير القليل . تدثّري بذنوبك وانتظري لحظة الرّحيل . لديّ اعتراض قلت ! كنت و مازلت عنيدة دائما . مازلت على قيد رغبتي في الحياة ! مازلت أتلمّسني فأحسّني .. أحسّ في دمي حرارة الحبّ و الحياة ! مازلت أحسّني هنا بأجنحتي التي قصقصها ذلك المارد المتشكّل من ذرّات العتم و العدم .. ما زلت هنا .. أرفرف حول من سلب منّي الحياة و أعدمني .. مازلت أدركني .. مازلت لا أستحي من حبّي لشعاع النور المشرق في كل الأشياء ! يقول .. “كم لبثتِ في كهوف الحياة و كم تبقّى لتغرقي في بحيرة العدم .. هناك في الانتظار مقبرة لك .. هي الأبقى و الأشقى لكِ و للكافرين بفكرة الموت ، فخرّي ساجدة لي أنا ربّ العتم و العدم واهب الموت و الفناء ! أسلمي روحكِ و نفسكِ و حبّكِ للحياة .. لم يفهم بعدُ معنى الحياة .. لم يفهم حبّي لأشعة النور المتدفّق في نقطة أضعها على صفحة بيضاء .. لم يفهم أن سيفه لئن ضرب خصري و قصمني أو شقّني بالطّول نصفين لن يمحو حرثي و لن يجتثّ زرعا أسقيه من نزف روحي و من دمي ! لن يمحو الزمن مابين أسطري ، فما بين أسطري حيّ حدّ الممات . لن يفهم حجم القوّة التي تبقينا رغم الموت على قيد الحياة !
قال هيهات ! هات برهانك إن كنت من الصّادقين و أنت تدّعين قدرتك على الاستمرار يا أيّتها الناكرة الكافرة بربّ العتم و العدم و أنا قادر برشّة من بحيرتي على محوك من الحياة ! قلت ” لئن أمتّني و قضيتُ نحبي فقد حفرت على جدار الخلود .. أنا امرأة مشتعلة بالحياة .
مفيدة بن علي
Discussion about this post