كتب/خطاب معوض خطاب
إبداع أحمد رجب ومصطفى حسين
المنافق الوصولي “عباس العرسة” فكرة والفكرة لا تموت
“عباس العرسة” شخصية كاريكاتيرية شهيرة ابتكرها الكاتب الساخر الكبير أحمد رجب الذي ولد منذ 94 سنة وتحديدا في يوم 20 نوفمبر 1928 وتوفي في يوم 12 سبتمبر 2014، وجسدها بريشته الرسام المبدع مصطفى حسين الذي ولد في يوم 7 مارس 1935 وتوفي في يوم 16 أغسطس 2014، على صفحات جريدة الأخبار، و”العرسة” مثال حقيقي للشخص الوصولي والمنافق المثالي والذي لا يخلو منه أي مكان عمل، والذي يتملق رؤساءه دوما ويصفهم ويمدحهم بما ليس فيهم.
وفي الغالب يكون مدح “العرسة” ونفاقه لرؤسائه ليس وراءه مصلحة شخصية له بقدر ما هو إدمان وتعبير عن مكنون صدره المتشبع بالنفاق، ويتقرب “العرسة” دوما من رئيسه أو مديره في العمل فيتودد إليه ويمدحه، ولكن ما إن يولي هذا المدير ظهره له إلا ويلعنه ويصفه بأبشع الصفات، وقد جسد مصطفي حسين شخصية “عباس العرسة” بريشته كشخص يحاول رسم ابتسامة صفراء على وجهه ولا يرفع رأسه وظهره منحن، ولعل الكاتب الساخر الكبير أحمد رجب قد استوحى شخصية “العرسة” من شخصية “أبو الخير” التي جسدها الفنان الراحل توفيق الدقن في فيلم “مراتي مدير عام” الذي عرض سنة 1966.
وكان أحمد رجب حريصا على أن يكتب تعليقات على لسان “العرسة” تؤصل لجميع معاني النفاق في أزهى صوره، فأمام رئيسه يصف “العرسة” نفسه بصفات قد تأباها النفس السوية، ولكنها تعبر عن الشخص المنافق الذي لا يتوانى عن فعل شيء للحصول على رضا رؤسائه عنه، ولعل من أبرز التعليقات التي كتبها أحمد رجب على لسان شخصية المنافق والوصولي المثالي “عباس العرسة”:
“تسمح لي أقول لمعاليك أبو النور؟! صحيح إن معاليك لا بتصوم ولا بتصلي! لكن النور بيشع من معاليك شئ ما حصلش والله! وفاكر معاليك يا فندم في الأول لما تفيت في وشي؟! والله قعدت أسبوعين ما أغسلش وشي! ومراتي تقول لي إيه يا عباس الكلونيا الحلوة اللي أنت حاططها دي؟!”.
والمعروف أن الكاتب الساخر الكبير أحمد رجب والرسام المبدع مصطفى حسين قد ابتكرا العديد من الشخصيات الكاريكاتيرية الجميلة والتي نجحا من خلالها في رسم الابتسامة على شفاه الملايين، كما كانا يعالجان من خلال هذا الكاريكاتير الكثير من القضايا الاجتماعية، وهذا ما نفتقده حاليا للأسف الشديد، وهذه الشخصيات الكاريكاتيرية كانت وسوف تظل دوما في قلوب عشاق فن أحمد رجب ومصطفى حسين على مر الزمن، وكثيرا ما كان يجتمع الفنانان المبدعان في الغرفة رقم 53 في دار أخبار اليوم، في اجتماعات يومية ليفكرا ويتفننا في رسم كاريكاتير اليوم التالي.
وبالإضافة إلى شخصية “عباس العرسة” كانت أهم الشخصيات الكاريكاتيرية التي ابتكرها أحمد رجب وجسدها مصطفى حسين بريشته، “كمبورة” عضو البرلمان الفاسد، و”عبده مشتاق” المتطلع إلى منصب وزاري، بالإضافة إلى “فلاح كفر الهنادوة”، و”مطرب الأخبار”، و”الكحيت”، و”عزيز بيه الأليت”، و”على الكوماندا”، وغيرها من الشخصيات الكاريكاتيرية التي كان الكثيرون حريصين على الاطلاع عليها في جريدة “الأخبار” و”أخبار اليوم”.
Discussion about this post