لماذا تخلفنا وتقدموا ؟
بقلم الكاتب الصحفي
سعيد الخولى
اليوم الجمعة عيد المسلمين الأسبوعى قاد انتظارى لصلاة الجمعة مشاعرى ونفسى إلى رحاب تلك الأيام الروحية الرائعة فى رحاب الحرم المكى وضواحيه وأيام منى ولياليها والحرم المدنى وروعته، فقررت استكمال ما كنت بدأته عن ذكريات تلك الأيام المدهشة،خاصة وقد طلب منى كثير من الأصدقاء أن أستكملها.. فى صبيحة يوم الثلاثاء الذى كان موعد الوقفة بعرفات ونحن نتوجه من مخيمات منى إلى هناك افتقدت زوجتى بين ركاب الحافلة المتجهة إلى عرفات وبين المنتظرين لركوب حافلات أخرى، وبعد أن بحثت عنها بين ركاب الحافلة التى ركبتها أنا نزلت من الحافلة بحثا عنها بين المنتظرين على رصيف المخيم ،لكننى أصبت بخيبة الأمل وأنا أطالع وجوه المنتظرين وقوفا وقعودا وجلوسا فوق كراسى على الرصيف،فاتصلت بالحاج رضا رفيق الرحلة ليوافينى عند وصولهم لمخيم عرفة بوجودها هناك حيث لم يكن أمامى سوى التسليم بأنها ركبت حافلة أخرى ولمر تستطع النزول.ولكن كانت خيبة الأمل ثانية بعد وصول الحاج رضا وزوجته الحاجة وفاء إلى مخيم عرفات واتصاله بى ليؤكد عدم وجودها هناك،وانتقل الأمل فى وجودها فى حافلة أخرى مازالت بالطريق ،وازدادت حيرتى فى ركوب الحافلة الواقفة بباب المخيم أو انتظارى للتأكد من وصولها أولا،والحمد لله فلم تطل حيرتى بعد اتصال الحاج رضا بى ليبشرنى بعثوره على زوجتى وبأنها ركبت حافلة ظنت أننا ركبناها أو سنركبها ولم تستطع النزول من شدة الزحام وتحركت بها الحافلة وسط حشود المنتقلين إلى عرفة،وقفزت إلى داخل الحافلة المنتظرة للتحرك ووصلنا بعد عشر دقائق إلى امتداد عرفة وقد تجاوزت الساعة السادسة صباحا وسط جو ينذر بجحيم وحرارة ملتهبة فى يوم المرحمة والملحمة فوق جبل الرحمة على بعد كيلومترين من مكان مخيمنا، وبدأت مناقشات واختلافات بين حجاج المخيم حول الذهاب إلى الجبل بين بقية الحجيج أو قضاء اليوم فى موضعنا حيث نحن فى دائرة امتداد الجبل التى يصح فيها قضاء الوقفة بها عوضا عن التوجه إلى الجبل على بعد تلك المسافة وفى ظل تلك الأجواء الشديدة السخونة والشمس التى تنذر بيوم صعب.
أما من كانوا فى حجهم لأول مرة فقد أصيبوا ببعض من خيبة الأمل لأنهم كانوا يظنون أن وقفة عرفات لابد أن تكون فوق الجبل وسط بقية الحجيج،ولم يكن كثيرون منهم يعلمون بأن عرفة ليس فقط تلك القمة التى اعتادوا على رؤيتها كل عام يعتليها ملايين الحجيج ملبين “لبيك اللهم لبيك”،وأنه يمتد على مساحة أخرى حوله تتسع لكل من لايستطيع الصعود فوق عرفة..نعم كان هناك نوع من خيبة الأمل لدى نسبة كبيرة من حجيج المرة الأولى زادها حرارة الجو الشديدة وعدم معرفتهم بالطريق،أما من سبق لهم الحج قبل ذلك فقد كانت خبرتهم سبيلا لهدوئهم شيئا ما ومعرفتهم بالطريق وتصميم القادر منهم على الانضمام للأفواج التى صعدت للجبل منذ الصباح الباكر،وتشرذمت الجموع بين متواجدين بالخيام فى تجمعات متناثرة يتكلم فيهم بعض من يعرفون تفاصيل المناسك ويجيبون عن تساؤلاتهم خاصة من حزنوا لعدم صعودهم للجبل،واطمأنوا قليلا لإجابات بعض الحجيج الذين يبدو عليهم العلم والدراسة وخبرة سابقة الحج أيضا.
وانقضت ساعات النهار بين تلبية وقراءة قرآن وتناول لوجبتى الإفطار والغداء حتى كان موعد الانتقال إلى مزدلفة لصلاة المغرب والعشاء وتجميع حصوات رجم إبليس ظهر أيام العيد الأربعة، وبعد منتصف ليلة العيد كانت العودة إلى الخيام فى منى وكان علينا انتظار حافلات نقلنا إلى هناك، وكانت ليلة مثيرة مع مواقف أكثر إثارة تجسدت فيها أبرز أمراض الأمة الإسلامية فى عصرها الحاضر وأجابت بشكل عملى عن السؤال الصعب: لماذا تخلفنا ولماذا تقدم الآخرون؟
Discussion about this post