الرواد نيوز …
***نبذة تاريخية عن شارع شبرا 1894م***
***«شارع شبرا ».. تاريخ حي مشاهير الفن والأدب والسياسة «مصنع الرجالة»***
.
حينما تسير فى شوارعها ستستمتع برحيق ذكريات من عاشوا فيها من رواد ومشاهير المجتمع بكافة المجالات، مثل التمثيل والطرب والغناء والشعر والموسيقى والسياسة والأدب، إذ وجدوا الدفء والأمان فى الحى الذى ترك فيهم بصمته وتركوا فيه تراثهم الطيب.
الشبراوية من أصحاب المحلات وأصحاب المهن المختلفة، وكبار السن، يحملون فى صدوهم قصصا تربطهم بزمن آخر، ما يمنحك وجبة دسمة ورحيق عطر من الذكريات النادرة ومزيجا من أحداث الماضى والحاضر.
يمثل تاريخ حى شبرا بضواحيه وشوارعه وميادينه وأبنيته، تاريخا حافلا عريق ولا يقتصر على كونه توثيقا للمكان، وإنما يمثل تاريخا موازيا لمصر فى سنوات مهمة حافلة بالتحولات والتغييرات الكبرى فى البنية المدنية، فضلا عما يمثله هذا الحى من تجسيد للروح المصرية الأصيلة، وتأكيد على معنى الوحدة الوطنية وفكرة «الكوزموبوليتانية» فى فترة ما قبل ثورة 23 يوليو، حيث ضم كل الأعراق والحضارات والجنسيات والديانات والثقافات، كما اشتهر هذا الحى بأنه حى المشاهير فى الفن والأدب والفكر والسياسة، فمن الفنانين كان يسكن فيه على الكسار ومارى منيب وماهر العطار ومحرم فؤاد وسعاد نصر وسراج منير وبليغ حمدى ورجاء عبده ومحمد قنديل ويوسف شعبان وليلى طاهر وبوسى ووائل نور والمخرج خيرى بشارة والفنانة عقيلة راتب وزوجها الفنان حامد مرسى والفنان حسين رياض وأمينة رزق وفاخر فاخر والمخرج هنرى بركات وسميحة أيوب ونبيلة عبيد وسراج منير وشيرين وسيمون والمطربة العالمية الراحلة داليدا وغيرهم كثيرون، ومن المفكرين والأدباء كان يسكن فيه الشاعر إبراهيم ناجى والدكتورجمال حمدان.
كما أن شبرا تعد أكبر أحياء القاهرة مساحة وسكانا وهى تقع فى شمال القاهرة وتضم دوران شبرا، وطوسون، والجيوشى، والترعة البولاقية، وفيكتوريا، والساحل، وروض الفرج، وسانت تريزا، والخلفاوى، والمظلات، وأحمد حلمى، ومهمشة، وشبرا الخيمة. ومن خلال الكثير من المصادر التاريخية ومنها الخطط التوفيقية لرائد التعليم فى مصر، على مبارك، وبعض المصادر الحديثة ومنها كتاب «القاهرة» لشحاتة عيسى، وكتاب «أحياء القاهرة المحروسة» للكاتب الصحفى عباس الطرابيلى، وكتاب «القاهرة وضواحيها» للكاتب (دى فوجانى) وكتاب «سيرة القاهرة» للكاتب ستانلى لينبول، وكتابى د. عبد الرحمن زكى «بناة القاهرة فى ألف عام» و«القاهرة وتاريخها وآثارها». نعرف أن شبرا لم تكن موجودة قبل عهد محمد على باشا، فقد كانت عبارة عن جزيرة وسط النيل اسمها حزيرة الفيل وبفعل طمى النيل المتراكم اتصلت الجزيرة بالأرض لتصبح هى شبرا وروض الفرج
أما الاسم الأصلى لـ«شبرا» فهو «شبرو»، وورد هذا الاسم فى كتاب «أحسن التقاسيم» للمقدسى حيث ذكر شبرا الخيمة بين المنيتين «منية الأصبع» و«منية السيرج» وبين دمنهور شبرا المجاورة لشبرا من الجهة البحرية، وكانت منية السيرج واقعة على شاطئ النيل حتى 680 هجرية ثم طمى النيل الذى كان فاصلا بينها وبين جزيرة الفيل فانضمت للأرض لتتكون المنطقة المعروفة الآن باسم شبرا الخيمة وروض الفرج. وكلمة شبرا محرفة من كلمة «جبرو» وهى كلمة قبطية معناها «الكوم» أو«التل» كما ذكرها الإدريسى فى موضعين الأول باسم «سيروا» والثانى باسم «شبرة» وفى خطط المقريزى ذكرها باسم «شبرا الخيام» (جمع خيمة) وتعرف بشبرا الخيمة أو الخيم أو الخيام لأن الناس كانوا يحتفلون سنويا بذكرى الشهيد فى خيام ينصبونها على الشاطئ للإقامة فيها عدة أيام.
إذن فلم تكن شبرا جزءا من القاهرة حتى يناير 1809 حين اختار محمد على باشا موقعا على شاطئ النيل فى متسع من الأرض يمتد إلى بركة الحاج وبدأ بناء قصر له فى هذه المنطقة وغرس فيه الأشجار وأقام البساتين، ولأن القصر به فسقية كانت من أبرز ما يميزه فقد سمى هذا القصر «قصر الفسقية».
وفى 1847 فى أواخر عهد محمد على باشا أصدر محمد على أمره بتمهيد طريق متسع بين مصر وشبرا وأمر بزرع أشجار اللبخ والجميز على جانبى الطريق الذى أنشأه من شبرا إلى باب قنطرة الليمون بالقاهرة وأمر أبناءه وأحفاده ببناء القصور والمساكن على طول شارع شبرا، وشجع الأعيان على هذا أيضا ومنذ ذلك الوقت تحولت شبرا إلى منطقة لسكن الأمراء والباشوات والطبقة الأرستقراطية والبكوات.
وبعد وفاة محمد على باشا فى 1849 آلت هذه السراى إلى ابنه عبد الحليم باشا فبنى فى الحديقة قصرا آخر ثم تحول قصرالنزهة فى شارع شبرا إلى المدرسة التوفيقية. وفى كتاب شحاتة عيسى «القاهرة» أن محمد على حين أنشأ قصره فى شبرا الخيمة المحاط بذلك البستان الكبير أقام غربى هذا البستان قصرا كبير خاصا بالحرم ولكنه تلاشى بعد وفاته وما بقى إلى الآن الجوسق (الكوشك) الذى شيده وسط هذا البستان سنة 1808م.
وقد أراد محمد على باشا أن يكون شارع شبرا طريقا بين القاهرة وقصره الذى بناه بقرية شبرا الخيمة، الواقعة بشمال فم ترعة الإسماعيلية، وأنشأ فيها مصنعا لتبييض المنسوجات، التى كانت تصنع فى معامل النسيج المصرية، وكان هذا المصنع ملاصقا لسراى الأمير السابق طوسون باشا
التى تشغلها الان مدرسة شبرا الثانوية الأميرية ولا يزال مكانه يعرف باسم المبيضة بقسم روض الفرج. وفى 1858 م بنى محمد سعيد باشا والى مصر قصر النزهة على شارع شبرا وهو الذى تشغله اليوم المدرسة التوفيقية الثانوية بشبرا. وفى 1869 أنشأ الأمير طوسون باشا بن محمد سعيد باشا والى مصر ووالد الأمير السابق عمر طوسون سراى بشبرا وهى التى تشغلها اليوم مدرسة شبرا الثانوية، ومما ساعد على انتشار العمران فى شبرا مد خط الترام فى شارع شبرا سنة 1902 م وفى شارع روض الفرج وساحل روض الفرج فى سنة 1903 م مما سهل اتصالها بقلب القاهرة.
كان محمد على ايضًا وراء تمهيد شارع الترعة البولاقية، وكانت البداية ترعة أمر محمد على باشا بحفرها لرى أراضى ضواحى القاهرة، ففى1827 م تم حفر الترعة البولاقية هذه، وقام بهذا العمل الكبير محمود أفندى الميارجى مدير القليوبية والمهندس ثاقب باشا، وكانت تمتد من منطقة قصر النيل الحالية، أى كان فمها تحت كوبرى 6 أكتوبر بين فندق هيلتون رمسيس ومبنى الحزب الوطنى سابقا، ثم تخترق الترعة ميدان عبد المنعم رياض حاليا، ثم تمر بشارع الجلاء الحالى، ومن يدقق النظر يجد لافتة هذا الشارع الآن مكتوبا عليها: شارع الجلاء- شارع الترعة البولاقية سابقًا، حيث جاء اسم «شارع الجلاء» بعد ثورة يوليو 1952 وكان الهدف من حفرها رى أراضى ضواحى القاهرة وبولاق كجزيرة بدران ومنية السيرج وشبرا فى غير وقت الفيضان، وقد حملت الترعة اسم «البولاقية» لأن المنطقة كلها كانت من قصر النيل حيث قصر بنت محمد على باشا إلى ما بعد رملة بولاق كان اسمها «بولاق» واختلف الناس فى معنى بولاق.. البعض قال إن أصل الكلمة هو (بو) أى الجميلة بالفرنسية و(لاك) أى البحيرة، أى (البحيرة الجميلة) ثم تحرفت من بولاك إلى بولاق، ولأن أراضى شبرا كانت زراعية (جزيرة بدران مع منية السيرج )، فكان لا بد من توفير مياه الرى لها، فحفر محمد على هذه الترعة وسرعان ما زحف العمران على كل هذه المناطق، كما تم ردم الترعة البولاقية وتضخمت شبرا، واتسعت فصار هناك شبرا مصر وشبرا البلد وشبرا المظلات وشبرا الخيمة، ولأن شبرا منذ نشأتها حتى تطورها تدين بإنشائها إلى محمد على باشا وأسرته العلوية، فإننا نجد فى شبرا العديد من المناطق أو الشوارع التى تحمل أسماء هذه الأسرة.. فنجد شارع حليم باشا وهو ابن محمد على ونجد شارع رفعت وهو ابن إبراهيم باشا وحفيد محمد على وشارع سعيد باشا ثالث حكام مصر بعد محمد على وشارع الباشا أى محمد على نفسه وشارع إنجه هانم أرملة الوالى محمد سعيد باشا.
ومن الشوارع والأماكن الشهيرة فى شبرا أيضا شارع البعثة وذلك لأنه كان مكانا لتمركز بعثة الرهبان الكاثوليك، وشارع العطار وهو فى الأصل عزبة الحاج محمد هرمس كبير العطارين وورث ابنه أيوب المهنة عن والده وصارت المنطقة التى بنى فيها بيته هى أرض أيوب، وشارع قبة الهواء وهو ضمن أبعادية قصر قبة الهواء (مصنع الخنازير حاليًا) وهو قصر حريم عمر طوسون والسبتية حى اليهود وكانوا يغلقون تجارتهم يوم السبت ولذلك سمى السبتية ثم أمير الخزانة «عبد الرحمن الخازن دار» الذى بنى قصرًا ومسجدًا (القصراليوم هو كنيسة سانت تريزا) وفى 1849 أرسل الخديو إسماعيل أمرًا إلى المريدى باشا محافظ القاهرة بأن يجد مكانًا لإقامة دولةالأمير طوسون ابن سعيد باشا والى مصر فأهداه قصر النزهة الأميرى على طريق شارع شبرا(مدرسة التوفيقية حاليًا) وكذلك الأراضى حوله وسميت المنطقة طوسون وكان للأمير طوسون خادم أرمنى اسمه برنارشيكولانى أنعم عليه الأمير بقصر بجواره (مدرسة الاستقلال)، كما بنى الأمير عمر طوسون عام 1886 قصرًا تحيط به حاليا 4 مدارس (شبرا الثانوية وقاسم أمين الإعدادية وحسنى مبارك الثانوية بنات ومدرسة روض الفرج)، أما ميدان وشارع أحمد حلمى فهو على اسم الكاتب الوطنى المعروف وأول رئيس تحرير لجريدة الوفد، وهو جد الشاعر والصحفى والرسام والممثل صلاح جاهين، أما شارع الشيخ رمضان على الصعيدى فهو على اسم أحد الدراويش المشهورين بالمنطقة أما فيكتوريا فهى أرض قصر فيكتوريا الفرنسية خليلة أمير الجيوش خمارويه.
Discussion about this post