حكاية رجل مخابرات رصد الموساد مليوني دولار ثمنا لرأسه
الثعلب أو الفريق أول محمد رفعت إبراهيم عثمان جبريل هو رجل المخابرات المصري الذي أوقع بالأفعى أو الجاسوسة الشهيرة هبة سليم، والمؤسف أن الكثيرين يخطئون في نشر صورة ثعلب المخابرات المصرية، كما يخطئ الكثيرون أيضا في نشر صورة الحرباء هبة سليم الجاسوسة الشهيرة، حيث ينشرون صورة الفريق أول رفعت جبريل بالزي العسكري، ويكتبون تحت الصورة اسم الخائن فاروق الفقي الذي جندته الحرباء، كما ينشر الكثيرون صورة الممرضة الأمريكية كريستين جيلبرت التي كانت تقتل المرضى الميئوس من شفائهم، ونحن هنا ننشر الصورة الحقيقية للأفعى هبة سليم الجاسوسة التي كشفها ثعلب المخابرات المصرية.
وقد كان للفريق أول رفعت جبريل دور في القبض على ضابط الموساد الكبير باروخ مزراحي، وكان سببا في تحرير الفدائي الفلسطيني عبدالرحيم قرمان أو عابد كرمان، وزرع أجهزة التنصت التي نقلت أخطر وأهم اجتماعات الموساد للمخابرات المصرية، وهو يعد أفضل وأعظم ضابط في تاريخ المخابرات المصرية على مدى تاريخها الطويل حيث تخصص في مكافحة النشاط الإسرائيلي، وتدرج في المناصب حتى أصبح مدير مقاومة الجاسوسية ثم رئيسا لهيئة الأمن القومي فوكيلا لجهاز المخابرات العامة، وفي النهاية تولى رئاسة جهاز المخابرات العامة المصرية.
والجدير بالذكر أن الفريق أول رفعت جبريل صاحب عدد كبير من العمليات المخابراتية، التي ما زالت تدرس في أجهزة الاستخبارات العالمية، وقد تم توثيق بعض العمليات التى قام بها، والتي كان له دور فيها سينمائيا وتليفزيونيا، فمثلا قام الفنان نور الشريف بتجسيد شخصيته الحقيقية في مسلسل “الثعلب” حينما قام بعملية زرع أجهزة تنصت دقيقة داخل أحد مقار الموساد السرية بإحدى الدول الأوروبية، وهي العملية التي وصفها المشير أحمد إسماعيل علي وزير الحربية الأسبق بأنها كانت مفتاح النصر في حرب أكتوبر، وبسبب هذه العملية أطلقت عليه المخابرات الإسرائيلية لقب الثعلب، كما ساهم في التعرف والقبض على ضابط الموساد باروخ مزراحي الذي قام بأداء دوره الفنان شريف منير في مسلسل “الصفعة”، ووقتها تمت مبادلة هذا الضابط مقابل الإفراج عن 65 فدائيا فلسطينيا، منهم عبدالرحيم قرمان والذي أنتج عنه مسلسل شهير هو مسلسل “عابد كرمان”.
ولكن يظل فيلم “الصعود إلى الهاوية” هو الفيلم الأشهر بجملته الشهيرة: “دي مصر يا عبلة”، وفي هذا الفيلم قام بأداء دوره الفنان محمود ياسين، حيث قام بالقبض على الجاسوسة هبة سليم واصطحابها إلى مصر، وهي الجاسوسة التي بكت من أجلها جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل، حيث كانت تعتبرها شخصية استثنائية، كما كانت الطائرات الحربية الإسرائيلية تستقبل الطائرة التي تحمل هبة سليم وتحيط بها في الجو حينما تزور إسرائيل، وهو الأمر الذي لم يحدث إلا مع المشاهير من الملوك والحكام، وكانت مائير تقول دوما إن هبة قدمت لإسرائيل خدمات لم يقدمها لها قادة إسرائيل أنفسهم، حيث كانت تؤدي خدماتها دون مقابل، فقط لأنها كانت تحب إسرائيل، والطريف أن الفريق رفعت جبريل قد ذكر في مذكراته أنه لم يقل كلمة “دي مصر يا عبلة” أو ما يشابهها للجاسوسة وأنها فقط من خيال المؤلف.
وقد ولد الفريق أول محمد رفعت إبراهيم عثمان جبريل في يوم 15 مارس سنة 1928، وتوفي في يوم 14 ديسمبر سنة 2009، وقد عرف عنه أنه كان رجلا زاهدا في المناصب بل وفي الدنيا كلها، فبعدما ترك رئاسة المخابرات العامة المصرية، عرض عليه الكثير من المناصب العامة الرفيعة في الدولة، لكنه رفض كل العروض واكتفى بخدمته في جهاز المخابرات، ثم قضى بقية عمره معتزلا الناس والشهرة والأضواء التي لمع تحتها من لا يستحقون، كما أنه قضى أواخر أيام حياته في بيته وأرضه بمحافظة البحيرة حيث ولد ونشأ وترعرع.
Discussion about this post