الرواد نيوز …
٤٢ عاماً على رحيله..
زياد سامي عيتاني*
رشدي أباظة “دنجوان” السينما المصرية وأحد فرسانها، رغم رحيله منذ ٤٢ عاماً (٢٧ تموز ١٩٨٠)، ما زال يشكل نموذجاً لفتى الأحلام في مخيلة الكثير من الفتيات، بوسامته، وخفة دمه، وملامحه الرجولية المتكاملة.
فرشدي أباظة الذي ولد في العام ١٩٢١ لأب مصري وأم إيطالية الجنسية، تحمل جمال ورقة ونعومة الأوروبيات، كان توليفة من هذا المزيج بين الشرق والغرب،
فجاء جذاباً رقيقاً وخشناً في آن معاً، ما جعل الفتيات يتهافتن على لفت نظره والفوز بحبه، دون أن يتأخر في الإستجابة لهذا التهافت.
لكن هذه المواصفات الجذابة التي تميز بها أباظة، لم تكن وحدها جواز سفره نحو النجومية، بل جاءت مكملة أو متزامنة مع موهبته وإمكانياته التمثيلية المشهود لها بالكفاءة والإبداع، فنجاحه في عالم السينما، وقدرته على الإستمرار لسنوات، ووصول ١٢ فيلماً من أفلامه لقائمة أفضل مئة فيلم في تاريخ السينما المصرية، يؤكد أنه صاحب موهبة ثرية، وبالتالي من الخطأ حصرها في “كاريزماتيته”، لأنه تمكن بالفعل أن يجمع بين هذه المواصفات وبين موهبة فنية مترسخة، ترجمها بكل جدارة من خلال تقديمه على مدار مشواره الفني في أكثر من ١٥٠ فيلماً، مما جعله يصنف واحد من أفضل الممثلين في تاريخ السينما المصرية، وأكثرهم إثارة للجدل.
****
•معارضة “الأباظية الأرستقراطية” دخوله الفن:
طريق رشدي أباظة دخول عالم الفن، لم يكن بالأمر السهل، فهو إبن عائلة أرستقراطية، وهو واحد من أنجال الأسرة “الأباظية” الشهيرة في مصر، لم توافق في البداية إنجذابه لعالم السينما، خصوصاً وأن والده اللواء السعيد أباظة كان ضابطاً مرموقاً في الشرطة، وكان يرغب في أن يلتحق مثله بالمجال العسكري.
وحين أخبر والده بأنه ينوي العمل كممثل، رفض ذلك بشدة، وقاطعه على أمل أن يتراجع عن قراره ويبتعد عن التمثيل، لكن رغم أن القطيعة إستمرت ثماني سنوات، ظل الشاب متمسكاً بخياره وقراره، خاصة عندما لمس المساندة والتشجيع من أمه الإيطالية.
****
•إكتشافه في صالة “بلياردو”:
قصة دخول أباظة إلى عالم السينما فيها كثير من الغرابة والمصادفة، إذ من المعروف أن من أبرز هوايات أباظة كانت الرياضة وركوب الخيل ولعبة “البلياردو”، فبينما كان في إحدى الليلي متجهاً كعادته إلى المكان الذي يمارس فيه هوايته المفضلة لعبة “البلياردو”، رآه المخرج كمال بركات فسأله إن كان يحب العمل في السينما، فرحب أباظة، ومن دون أن يكون بينهما سابق معرفة.
وبالفعل عرض عليه المخرج القيام بدور البطولة في فيلم “المليونيرة الصغيرة” أمام فاتن حمامة، التي كانت وقتها مجرد وجه جديد على الشاشة، فوافق أباظة دون تردد، لأنه وجد في هذا العرض فرصته الذهبية لتحقيق حلمه.
****
•أدوار محدودة وسوء حظ وفشل في إيطاليا:
وبالفعل عرف رشدي أباظة من خلال فيلم “المليونيرة الصغيرة” طريقه لعالم الفن، حيث لفت الفتى أنظار المخرجين والمنتجين، وبدأ ينطلق في أدوار صغيرة، ولكنها مؤثرة.
إلا أنه في بداية مشواره الفني تعرض إلى ما يمكن وصفه بالإنتكاسة في ثلاثة أفلام متتالية شارك فيها، هي: ذو الوجهين» و«أمينة» و«إمرأة من نار»، إذ لم تكن على المستوى، الذي يضمن له تثبيت أقدامه على طريق الشهرة التي يحلم بها.
لكن ذلك لم يدفعه لليأس، بل تسلح بالإصرار والعزيمة، فقرر السفر إلى إيطاليا، ومكث هناك من ١٩٥٠ وحتى العام ١٩٥٢، وخلال هذه الفترة لم يشارك سوى في فيلم «أولادي».
وعندما فشلت مهمته في التميز والنجاح والشهرة في إيطاليا، تأكد أن عليه أن ينجح أولاً في بلده قبل أن يسعى للعالمية، سيما أنه إستغل فترة وجوده في إيطاليا في دراسة الفن في أحد استوديوهات روما.
****
•العودة إلى مصر والتربع على القمة:
وبعد عودته إلى مصر وتصميمه على النجاح، وعقب إختار المخرج كمال الشيخ له للمشاركة في فيلم “المؤامرة” العام ١٩٥٣، جاءته فرصة العمر على طبق من ذهب عام ١٩٥٩، التي شكلت نقطة تحول كبرى في حياته الفنية، وذلك حين رفض النجم أحمد مظهر دور (عصمت كاظم) في فيلم “الرجل الثاني” أمام سامية جمال، وإنتقل الدور بشكل مفاجئ لرشدي أباظة، الذي أبدع فيه إبداعاً لا مثيل له، وكتب شهادة ميلاده كنجم سينمائي تربع على القمة حتى آخر لحظة في حياته، لينطلق سهم “الدونجوان” بسرعة كبيرة حتى كانت فترة الستينات والسبعينات في السينما، التي كانت مرحلة رشدي أباظة دون منازع، حيث لعب في السنوات من ١٩٥٩ وحتى ١٩٧٢ بطولة ٨١ فيلماً من أصل ١٤٥ فيلماً قدمها على مدى مشواره السينمائي في مصر، بخلاف عشرات الأفلام التي قدمها في سورية ولبنان وتركيا وإيطاليا.
يذكر أن سعاد حسني كانت صاحبة نصيب الأسد في عدد الأفلام التي شاركت فيها مع رشدي أباظة، حيث بلغ عددهم ١٢ فيلماً، تلتها نجلاء فتحي التي قدمت معه ٩ أفلام، ثم فاتن حمامة برصيد ٦ افلام معه.
****
•معشوق الفاتنات وبطلات أفلامه:
بموازاة نجموميته الفنية، كان رشدي أباظة معروفاً بعلاقته النسائية، لا بل كان مستجيباً مطواعاً لتهافتن عليه، حيث أن مغامراته مع النساء كثيرة لا تنتهي، إمتدت طيلة مراحل حياته، وما زيجاته من الفنانات تحية كريويا وساميا جمال وصباح والأميركية بربرا، وأخيراً إبنة عمه نبيلة في آخر حياته، عدا علاقاته الواسعة مع كثير من الفتيات في مختلف البلدان التي كان يزورها أو يقيم فيها، إلا دليلاً حسياً على أنه كان معشوق الجميلات، وأن بطلات أفلامه وقعن في غرامه.
****
•منافس الملك فاروق غرامياً:
إرتبط رشدي أباظة بقصة حب مثيرة للجدل مع الفنانة كاميليا، تعرض نتيجتها للتهديد بالقتل من الملك فاروق، لتنتهي تلك القصة الغرامية نهاية مأسوية بمصرع كاميليا في حادث تفجير طائرة بقيت أسبابه ودوافعه مجهولة حتى اليوم.
وفي تفاصيل القصة، أنه عند مشاركته في فيلم “إمرأة من نار” أمام فاتنة الشاشة كاميليا بدأت قصة حب بينهما، رغم ما كان يتردد عن حبها للملك فاروق وحبه لها. ولكن قصتهما إنتهت نهاية حزينة بوفاة كاميليا، فإنهار الفتى الأباظي ودخل في غيبوبة، وكان كلما أفاق يردّد إسمها، ثم يدخل في غيبوبة مرة أخرى.
وذكر آنذاك أن الملك فاروق أحبّ كاميليا بجنون خاصة بعد أن علم أنها حملت منه، وتصوّر أنها ستنجب له ولداً يكون ولياً للعهد لأنه كان سيتزوجها رسمياً لو أنجبت ولداً، ولكن أمله خاب لأن كاميليا أجهضت في الشهر السادس عندما وقعت من فوق ظهر حصان.
****
إنه رشدي أباظة “دنجوان” السينما المصرية، الذي أحب الحياة بجنون، وجنت فتيات زمانه به، حيث أن قصص حبه للجميلات والشهيرات فاقت سنوات عمره.
***
Discussion about this post