في الوقت الذي أخذت فيه دول عربية مثل الإمارات والسعودية بتأكيد استقلاليتها عن واشنطن وتنويع شراكاتها على المستوى الدولي ، زادت أهمية علاقات أبوظبي والرياض مع روسيا ، ولهذا فإن عودة العلاقات مع سورية يُسهم في تقريب وجهات نظر مجلس التعاون الخليجي من موسكو ، إلّا أنه ليس الدافع الوحيد للتقرب من دمشق .
فأبواب دمشق السبعة بكل تأكيد هي مفاتيح حلول الاستقرار والأمن في المنطقة للعديد من القضايا،
” ابتداء من مكافحة تهريب المخدرات ( اجتماع اردني سوري عسكري أمني في عمان 23 يوليو ) ، الأمن الاقليمي ، إعادة العلاقات مع تركيا ، التعافي المبكر من أجل عودة اللاجئين ، الحل السياسي ومتطلباته ، العفو العام واطلاق سراح المعتقلين والمغيبين من جميع الاطراف ، وصولاً إلى إدارة العلاقات مع إيران “، أي أن سورية لم تكن مجرد ساحة حرب بالوكالة في ظل الحرب الباردة التي قامت في القرن الحادي والعشرين بين الولايات المتحدة من جهة، وروسيا والصين من جهة أخرى ، بل كانت ولم تزل لاعب رئيسي في استقرار المنطقة بالرغم من تقلص اوراقها وادوارها بعد ما يزيد عن عقد من الحرب والعقوبات و تفشي الإرهاب .
من زاوية اخرى ، أعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي عن عدم اهتمامهم بتطبيع العلاقات مع دمشق ، و الاصرار على عدم رفع العقوبات ، بيد أنها لن تمنع دولاً أخرى من ذلك ، بحسب ما ذكره دبلوماسيون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، ودون وجود أي خطة أو برنامج واضح لعودة السلام والاستقرار المستدام
و يقضي بإنهاء الحرب ، في ظل أزمة اقتصادية عالمية تلقي بظلالها الثقيلة على بعض دول المنطقة ، مما وجه ضربة قوية للاقتصاد السوري كما دعم التموضع الايراني والروسي فيها .
في خضّم هذا الصيف الحار والتحولات السياسية والتدحرجات الدراماتيكية وضياع البوصلة في سياسات متعددة لدول عديدة ، يبرز السؤال الهام عن كيفية معالجة الأزمات وصناعة السلام ، لعل المهتمين في الشأن العام والسياسة الدولية والاقليمية يبدو لهم بوضوح ، أن العالم يتغير نحو نظام عالمي متعدد جديد ، تتضح معالمه من نشوء نظام اقليمي جديد ، قد تساهم مجاميعها في إصلاح ميثاق الامم المتحدة وتحديث عمل منظماتها لتمكينها من حل الأزمات واحلال السلام المستدام ، ضمن قيّم إنسانية اخلاقية ممنهجة ومُعتمدة لدى جميع دول العالم وفق معايير متوازنة ركيزتها منظومة حقوق الانسان واحترامها ونبذ العنف وخطاب الكراهية والتمييز للحد من الفقر والتغير المناخي والمساواة في التنمية والتطور المستدام .
ولعل من المصادفة في ما تضمنه هذا المقال من هواجس مختلفة تتوازى مع ما كتبه الاستاذ عريب الرنتاوي
اقتباس
“على نحو متزامن، قرر البرلمان الأوروبي من جانب واحد إبقاء اللاجئين السوريين في لبنان في تعارضٍ مع إرادة أهله وحكومته، وقرر برنامج الغذاء العالمي خفض المساعدات للاجئين في مخيمات الأردن بمقدار الثلث (من 32 إلى 21 دولاراً للفرد شهرياً)، بعد إخراج 50 ألفاً منهم من قوائم متلقي المساعدات كلياً، بدعوى تركيز الدعم على الأسر الأكثر احتياجاً.هذا التزامن المُريب بين القرارين يخفي خلفه أهم ملمحين للنظرة الغربية الشاملة إلى ملف اللجوء بعامة، واللجوء السوري بخاصة؛ الأول هو احتجاز موجات اللجوء، القديمة منها والجديدة، في دول جنوب المتوسط، ومنع انتقالها إلى دول الشمال، والآخر هو التخفف من أوزار مسؤوليتهم وإلقاء أعباء استضافتهم على كاهل الدول المضيفة المنهكة مالياً واقتصادياً.وتزداد المسألة تعقيداً حين تنبري دول أوروبية (ومعها بريطانيا والولايات المتحدة) للوقوف ضد أي محاولة أو مبادرة للانفتاح على دمشق وحكومتها، للبحث عن حلحلة كثير من الأزمات المرتبطة بتداعيات الأزمة السورية، ومن بينها ملف اللجوء.وكما يتضح، لا يريد الغرب حلاً لمشكلة اللاجئين بعودتهم إلى ديارهم قبل تسوية الحساب مع دمشق وحلفائها، وهو ليس بوارد استقبال المزيد منهم، بل بصدد إعادة تهجير بعضهم، والأخطر أنه بات يضيق ذرعاً بالأعباء المالية لبرامج المساعدات والتأهيل، ولا سيما بعد الحرب الأوكرانية، ويسعى لتحميل كلفتها لدول وحكومات لا تكاد تقوى على توفير المتطلبات الأساسية لمواطنيها.بيان البرلمان الأوروبي، كعينة للخطاب الغربي، جاء طافحاً بالمواعظ حول حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، مع أنه يتجاهل حقيقة أنه يلقي العبء على الضعفاء، ويغضّ الطرف عن تنكّر الأقوياء من دول الغرب وحلفائه لهذه المنظومة الأخلاقية والحقوقية، وهم الذين يتعاملون بقدرٍ عالٍ من “الاستعلاء” مع ملفّ اللاجئين لديهم”
انتهى
وبناء على ما تقدم ورحلة الضياع في غابة الضباع ، نقتبس ايضاً من مقال للدكتور بسام ابو عبد الله حول الاوضاع الانسانية في سورية
اقتباس
“الآن على الرغم من صعوبة الأسئلة التي يطرحها الناس وهي كثيرة، وكثيرة جداً، لكن الإجابة ليست بإظهار العجز الذي يبدو أنه سيد الموقف، بل لابد من حشد الجهود الوطنية والعقول المنيرة، لإنتاج حلول تخفف بالطبع من حدة ما نمر به من أحوال معيشية قاسية جداً، وهنا لا أؤمن أبداً بأنه لا حلول، وأننا عاجزون، بل لابد من الاستنفار الكامل لما تبقى لدينا من طاقات وأفكار وخطط عمل لمواجهة الحاضر الصعب، والمستقبل غير الواضح ، يؤدي إلى مزيد من هجرة الكفاءات والشبان، ورؤوس الأموال وخاصة أن الجباية تحولت إلى إستراتيجية مخيفة ، وهي سياسة قد تكون قصيرة النظر، لأن المطلوب هو تشجيع الإنتاج والعمل والحركة الاقتصادية ، والمطلوب مكافحة الفساد الكبير الذي ينهش في الجسد السوري المتعب، ليبحث في المخارج والحلول .”
انتهى الاقتباس
وفي الختام ، نتمنى ان تكون المخارج والحلول عبر مؤتمر وطني جامع في دمشق يضع القطار ( الوابور) على السكة بعد ان طالت انزياحاته وكثرت اعطاله .
ولعل أغنية الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب وكلمات المبدع احمد رامي تشرح حالنا …
Discussion about this post