المُدَرِّسَة والكاتبة والقاصة والشاعرة
الفنانة المثقفة نعيمة وصفي.. مبدعة من زمن الفن الجميل
كتب/خطاب معوض خطاب
الفنانة نعيمة وصفي تعد واحدة من أكبر فنانات الزمن الجميل المهمشات، وذلك رغم أنها كانت صاحبة أداء متفرد يستحق أن يدرس، كما أنها صاحبة مسيرة فنية حافلة، وهي فنانة موهوبة بحق، وبجانب موهبتها الكبيرة تميزت بثقاقتها العالية وأخلاقها السامية الرفيعة، حيث كانت طوال حياتها رمزا للالتزام الأخلاقي قبل الفني، ولذلك فقد حفرت لنفسها مكانة خاصة ومتميزة في قلوب محبيها من المشاهدين.
وقد ولدت في يوم 10 فبراير سنة 1923، بقرية ظاهر الجمال التابعة لمركز ديروط بمحافظة أسيوط، ووالدها المهندس محمد وصفي بك كان يعمل مديرا لإحدى شركات الري الفرنسية، وزوجها هو الصحفي عبد الحميد سرايا الذي يعد مؤسسا للقسم الخارجي بجريدة الأهرام وعم الصحفي أسامة سرايا، وقد تخرجت في مدرسة المعلمات وبعد تخرجها عملت بالتدريس، كما أنها تخرجت في معهد التمثيل الذي أسسه الفنان الكبير زكي طليمات ولذلك تعد واحدة من رائدات فن التمثيل في مصر، وتوفيت في يوم 7 أغسطس سنة 1983.
ولقد استطاعت منذ بداياتها الفنية أن تلفت الأنظار إلى موهبتها وأن تثبت وجودها الفني، ولعل ذلك يعود لعدة عوامل يمكن إجمالها في موهبتها الفنية الكبيرة، وإصرارها على تحقيق النجاح والتميز، وقدرتها على الالتزام الفني والانضباط، بالإضافة إلى حرصها على صقل موهبتها بالدراسة الأكاديمية، وكانت الفنانة “نعيمة وصفي” مجسدة لواقع المرأة المصرية الأصيلة بمختلف طبقاتها في جميع أعمالها الفنية، وذلك بأدائها البسيط والطبيعي الذي يستحق أن يطلق عليه السهل الممتنع، حيث أجادت أدوار المرأة الفلاحة والصعيدية والقاهرية وكذلك التركية في عشرات الأعمال السينمائية والتليفزيونية والإذاعية والمسرحية، وقد تم تكريمها بحصولها على جائزة الدولة التشجيعية عن مجمل مسيرتها المسرحية.
فبالتأكيد نحن لا ننسى أدوارها المميزة زوجة الغزولي في فيلم “الفتوة”، وبهانة الخرساء في فيلم “رصيف نمرة 5″، وأم المنصور علي في فيلم “وا إسلاماه”، وأم حسن المغنواتي في فيلم “حسن ونعيمة”، ووالدة عيسى الدباغ في فيلم “السمان والخريف”، والناظرة في فيلم “المراهقات”، وعصمت هانم في فيلم “ريا وسكينة”، وآنا جيلان الجدة التركية في فيلم “حبيبي دائما”، بالإضافة إلى دور عنايات هانم عمة ميزو في مسلسل “حكاية ميزو”، وكذلك دورها في المسرحية الشهيرة “جلفدان هانم”، وبالإضافة إلى موهبتها الكبيرة في فن التمثيل كانت قاصة وكاتبة، حيث حصلت قصة لها على المركز الأول على مستوى المملكة المصرية في إحدى المسابقات الأدبية سنة 1948، كما أنها كتبت بعض التمثيليات للتليفزيون المصري، وشاركت في إعداد وصياغة أكثر من 50 حلقة من برنامج “رسالة” للتليفزيون.
كما أنها كانت تكتب مقالا أسبوعيا في روز اليوسف، وشاركت الكاتب الكبير عبد الرحمن الشرقاوي في إعداد مسرحية “الشوارع الخلفية” لمسرح التليفزيونفي سنة 1962، ولا ننسى أنها صاحبة سيناريو وحوار المسلسل الشهير “بنت الأيام” عن قصة محمد كمال عابد، والذي قام ببطولته محمود مرسي وكريمة مختار وصفية العمري وشيرين وهدى رمزي وسمير حسني وأخرجه نور الدمرداش سنة 1977، وبالإضافة إلى ممارستها الكتابة والتمثيل فقد كانت الفنانة نعيمة وصفي تكتب الشعر بالفصحى وكذلك كانت تكتب الزجل، وإن كانت تقول إنها ليست بشاعرة وأن ما تكتبه هو مجرد خواطر وأحاسيس تدونها على الورق، ومن هذه الخواطر:
“أمشي ويتعبني المسير
لكن أسير
وحدي هناك بلا مصير
في العالم الجهم الكبير
أمشي وما من غاية أمشي لها
حلم يموت وخلفه حلم وهن
والليل يعقبه الصباح
وكلاهما يمضي نواح”
Discussion about this post