أمي لم أعقد (حراتية ) تشبه عقدة رداءك المتوسدة جزء يقارب موقع القلب ،أليس في ذلك تأويل ما !! لنفترض يا أمي واسمحي للخيال أن يسرح قليلا ،أليس الرداء يا أمي هو الشكل الظاهري للحياء ؟أليس هو السترة والاحتشام الذي لف أجسادكن وتواريتن خلفه تنشدن الأمان عن عيون أبت أن تغض البصر؟!!وأصبح الرداء رمز العفة والنقاء لديكن ، وإن افتقد إلى شمولية السترة الظاهرية ، وكم انتفضت جدتي خوفا وحياء وهي ترى إحداهن وقد استبدلت الرداء وتخلت عنه وبلهجتها العفوية المرتعشة تقول (العفو العفو تطلع بلا رداء!!) أى كيف تخرج المرأة بدون ردائها ؟؟ وتوارى سريعا وجهها خلف الرداء . فإذا كان الرداء هو الشكل الظاهري المعبر عن الحياء ،فإن القلب هو مسكنه وموطنه وهو الرادع الأول لكل ما قد يجاوز بالإنسان حدود الحياء لذلك جاءت (الحراتية ) معقودة عند القلب لتؤكد أن الظاهر موصول بالباطن وأن الحياء حياء القلب الذي سينعكس بالتالي على الظاهر أوكأن الحراتية تقول:ـ
{أننا معقودون بهذا القلب الذي كلما ازدادت بصيرته زدنا إبصارا}
أمــــــــي لم ألبس رداءك ، وما تزينت بالوشم على ملامح وجهي ، وما تدلت الأخراص من أذني أقراط تزييني ، وما تعطرت بالبخور عند كل صباح وما حملت من قديميك إلا بعض صوره وذكرياته ، التي رأيتها وعايشتها، ولكن ما كنتها ولا أردتها ولا اتخذت منها مذهبي ، لأني (أردت أن أكون) فتوسدت دفتري ورسمت صورتي ، غير أني يا أمــــي حملتك في داخلي بعطر بخورك ،ولون رداءك ،بذهبية الأقراط في أذنيك ،بذاك الحياء المشع من عينيك .أمــــــي يريدون أن أكون غيرك ،أن أتحلل حتى من جلبابي ،ولكن أريد أن أكون وأريد أن أكونك وأن ألتحف من عيونهم بردائك .
Discussion about this post