حسناء أبو عرابي
تومضُ بالأضواءِ نافذتي
إنه العيدُ
الفرحُ يقرعُ الزجاجَ
والقلبُ متأهبٌ لقفزةٍ
لكنني نسيتُ كيف أستخدمُ يدي
كيف أقبضُ على اللحظةِ
نسيتُ كيفَ تشهقُ الروحُ
تحتَ ألوانِ قوسِ قُزَح
نسيتُ الركضَ في الحقولِ
ونسيتُ الابتساماتِ
وكيف أبتسمُ!
في الغربةِ
كما في الوطنِ
برقٌ ورعدٌ وشتاءٌ
البردُ يتسلّلُ من أطرافِ أصابعي
يستقرُّ في روحِ القصيدةِ
ولمن أشكو همومي
لمن أشكو همومي يا دمشقُ
وأنتِ أمي
وأنتِ لُغتي
وأنتِ قلبي البعيدُ المنزوعُ من جسدي
لمن أشكو وأنا المهزومةُ بالحنينِ
المطعونةُ بأشواكِ وعطرِ الياسمين
صوتُ الماضي، خافتٌ، حزينٌ
إنه خائفٌ مثلي.. أنا الخائفةُ!
لا.. لستُ بحاجةٍ إلى قاربٍ
أنا بحاجةٍ إلى حُرّيتي
إلى صَوتي
إلى هَويّتي
إلى غَدي المجهولِ
إلى تاريخي المغتصبِ
لا.. لستُ بحاجةٍ إلى قاربٍ
أنا بحاجةٍ إلى صوتِكِ أنتِ
إلى هواءِكِ
إلى ماءِكِ
إلى رائحةِ عرَقِكِ
إلى وجهكِ الحزين
إلى كبريائِكِ
أرشُّ بماء الزهرِ ذاكرةَ المآذنِ
علَّكِ تذكرينَ صاحبةَ العيونِ الحزينةِ
علّكِ تناديني
علّكِ تشفقينَ على ابنتِكِ الضالّةِ
آه لو تعلمينَ
كم تمنيتُ حدوثَ المعجزةِ
وكم انتظرتُ لحظةَ هطولِ المطرِ
أن تغدوَ الشوارعُ من حولي
أزقةَ الشامِ
كم تمنيتُ أن تَجلدَني المياهُ الغاضبةُ
الهاجمةُ من مزاريبِ أزقةِ الشامِ
الفيضانُ في جسدي
ونفسي عائمةٌ
أنا الغارقةٌ منذُ الأزلِ
ومازالَ أمامي الطريقُ طويلاً
آه.. يا إسطنبولَ الموحشةَ الفاتنةَ
آه.. لو تُصبحينَ دمشقَ لِلَيلةٍ واحدةٍ
حسناء أبو عرابي
Discussion about this post