من صندوق الذكريات … هنا القاهرة
بقلم الكاتب الصحفي
محمد السيد
كنت شابا فى مقتبل العمر .. ريفيا لم أخرج من حدود قريتى ومدينتى الصغيره إلا قليلا .. لا اعلم عن المدن الكبيرة غير ما اعرفه عن طريق التلفاز فى ذلك الوقت ..
كانت دراستى الجامعية فى مدينة القاهرة .. نعم القاهرة وما أدراك ما القاهرة .. هذه المدينة المليئة بصخب الحياة .. عربات وبشر فوق الطاقة .. وكان السكن فى المدينة الجامعية .. كنت مازلت غير معتادا على الحياة فى المدينة وجوها .. وكنت كلما اتى يوم الخميس افضل ان اقفل راجعا إلى البيت .. حيث هدوء الريف وهوائه النقى وبشر تحس فيهم بالحياه .. وكان الاصحاب لايفضلون النزول كل اسبوع لبلادهم بعكسى .. وكانوا يستغلون يوم الجمعة للتنزه فى الأماكن السياحية التى تملا القاهرة ..ولطالما حاولوا اقناعى بالبقاء والتنزه معهم ولكنى كنت ارفض مفضلا النزول للقرية لرؤية أهلى . لكن كان هناك مكان وحيد كان لى شوق لزيارته وهو حى الازهر والحسين وخان الخليلى .. لكن لم يكن الوقت يسمح لى بأن اذهب الى هناك ..
خرجت ذات خميس من المدينة الجامعية .. منتويا اللحاق باقرب قطار للرجوع إلى البلدة .. وقفت فى محطة انتظار الاتوبيس .. لا جد شيخا كبيرا يدخن سيجارته كنافورة مياه .. سألته فى ادب .. اتوبيس كام إلى رايح المحطة لو سمحت .
نظر إلى قائلا .. اتوبيس تلاتة.
لم يمضى الكثير من الوقت واتى اتوبيس يحمل الرقم ثلاثة يجر من خلفه دخانه .. كما نجر خيباتنا من ورائنا .. ركبت سائلا السائق .. ده رايح . وقبل ان اكمل .
رد السائق .. ايوه اركب خلص خلينا نمشى .
تخطيت إلى الداخل وكان الناس فيه كالسردين فى علبه كما يقولون .. لكن من حسن الحظ ان شخصا قام من على كرسي بجانب فجلست حامدا الله .
دقائق واتى الكمسرى .. تذاكر ياحضرات . قطعت تذكرة . وجلست انظر من شباك الاتوبيس . لكن لم تكن تلك المعالم التى امر بها كل مرة فى طريق العودة …قلت ربما غير الاتوبيس الاتجاه .. وليكن المهم ان نصل .
بعد مده توقف الاتوبيس وقال السائق .. يلا يا حضرات وصلنا .
قلت فى نفسى .. وصلنا .. يالنهار مش معدي انا شكلى ركبت غلط .. سألت السائق .. هو مش ده اتوبيس تلاتة. الى رايح المحطة ..
رد . لا يا استاذ ده إلى رايح حى الازهر .. التانى اتوبيس تلاتة بشرطة .
قلت يالا الرجل اكان صعبا عليه ان يخبرنى بتلك الشرطة قلت لنفسى حى الازهر . حى الازهر …الست كنت تنتوى ان تزور هذا المكان لقد ساقك القدر إليه.
نزلت وانا كلى شوق لرؤية هذا المكان العريق تجولت.. وما إن اقتربت من حى خان الخليلي.. حتى جذبني أحدا الباعة قائلا بالإنجليزية.
Welcome.. what do you do .
قلت فى نفسى…الراجل ده اكيد مخبول .. رددت عليه .
فيه ايه ياعم .
ضحك البائع بصوت عالى وقال لى .. فكرتك بريطانى
قلت له .. يا سيد.ى بريطانى ايه انا مصرى .
ضحك مرة اخرى مغنيا .. انا مصرى وأبويا مصرى وبخفة دمى مصرى .
تركته ومضيت .. متذكرا قول جدتى لى ان اصولنا كانت من تركيا . وان جدتها هى كانت اسمها فاطمة التركية . لم أتعجب حينما تذكرت ذلك .
وكنت كلما مررت على بائع . يهتف لى .. welcome.
فارد … مصرى والله .. فيبتسم .. وابتسم له انا الآخر.
انتهيت من التجوال فى الازهر والحسين وخان الخليلي.. ثم أقفلت راجعا لموقف الاتوبيسات لأخذ اتوبيس يذهب بى الى المحطة .. قائلا .. رب ضارة نافعة ..
محمد السيد …
Discussion about this post