بقلم دكتور … عاطف معتمد
سر الرقم 11
حين عينت معيدا في الجامعة عام 1991 كان رئيس القسم هو العالم الجليل د. أحمد علي إسماعيل. شعرت برهبة وخوف من العمل معه، فقد كانت محاضراته في العامين الدراسيين حين كنت طالبا عنده بالغة الحزم والصرامة، لا يعرف الابتسامة، ودوما ما يجلس في مكتبه بعيدا عن الطلاب.
لكن كل ذلك تبدد حين انتقلت من مصاف الطلاب إلى هيئة التدريس المساعد.
كشف الراحل الجليل عن روح ذكية في الدعابة، وعمق إنساني بليغ.
في المرات التي كنت أسعد بالجلوس فيها معه في مكتبه كان يروي شطرا من سيرته الذاتية التي لا يعرفها أحد.
أخبرني ذات مرة أنه لم يعين معيدا، بل عمل أولا معلما في عدة مدارس، وظل يسعى للتقدم للعمل في الجامعة 11 مرة…وتحقق مراده في تلك المرة الأخيرة.
اعتبرت هذه إشارة لا تخطئني، أخذت بها بكل جدية.
بعد حصولي على الدكتوراه في 2001 أرسلت مسودة كتاب إلى بعض دور النشر ومراكز البحث وحضرت نفسي للرقم 11.
نجحت التجربة في المرة الرابعة ولم انتظر للرقم 11.
في عام 2008 تقدمت لجائزة الدولة التشجيعية وكانت قيمتها 10آلاف جنيه، وتمنيت الحصول عليها للقيام برحلة الى واحدة من الدولة الأوروبية لفترة اسبوع واحد.
فشلت في تلك المرة، لكني ابتسمت وجهزت نفسي لتكرار التجربة..أمامي 10 مرات أخرى.
تقدمت في عام 2009 بكتاب جديد، كان عنوانه “ما بعد الشيوعية..الدين والثروة والقومية في زمن التحولات”.
حصل الكتاب على الجائزة.
غير أن شيئا مفاجئا حدث في ذلك العام، إذ تقرر رفع قيمة الجائزة إلى 50 ألف جنيه.
طرت إلى خمس دول اوروبية، أمضيت شهرا هنا وهناك وجمعت مراجع لبحوث جديدة..وأنفقت آخر مليم في يوم العودة للقاهرة.
كنت قد تأثرت في سنوات المدرسة الثانوية بعبارة مكتوبة على كنيسة مار جرجس بجوار مدرسة الفسطاط التي كنت طالبا فيها،
تقول العبارة “سل تعط…اقرع يفتح لك”.
أحمد على اسماعيل – رحمة الله عليه- علمني تأويلا آخر ، حين لفت انتباهي أننا لابد أن نقرع الباب وصولا إلى الرقم 11…!
والحمد لله رب العالمين.
Discussion about this post