بقلم دكتور … عاطف معتمد
أخذت الصورة المرفقة من غرب سيناء، في مثل هذا الصيف من عام 2008.
لهذه الشجرة مكانة بالغة الأهمية عند قبائل المنطقة من أهلنا هناك.
أخبرني الدليل الميداني وقتها (قبل 15 سنة ) أن النساء يتبركن بها ولا سيما الراغبات منهن في الإنجاب.
لا غرابة في هذه الفكرة، فالشجرة هي الوحيدة هنا التي توفر ثمرا وظلا في واد جاف غير ذي زرع يمتد في صخور جيرية تعاني التملح وندرة المطر.
الوادي الذي نبتت فيه هذه الشجرة ينتهي غربا إلى خليج السويس، ولا يعرف سقوط المطر إلا كل بضع سنوات، وقد تمر 7 إلى 10 سنوات دون أمطار ملحوظة.
فتخت مستودع الرحلات القديمة وأخرجت هذه الصورة لأني كنت أراجع مقال كتبه رحالة أجنبي في عهد الاحتلال الإنجليزي يقول إنه قابل بعضا من بدو شمال سيناء يعتبرون مثل تلك الشجرة الفريدة العجيبة “واحدة من أولياء الله الصالحين” بل وكان بدو شمال سيناء يقدمون لها القرابين قبل أكثر من 150 سنة وينذرون لها النذور.
الشجرة التي أمامنا تحظى ببعض هذه الأهمية هنا في غرب سيناء، تمثلت أهميتها في توفير ثلاث معجزات في قيظ الصحراء:
– الظل للرعاة والاستراحة من تعب السير الطويل في أرض صخرية وعرة؛
– الأوراق المتساقطة والبذور والثمار التي تعيش عليها حيوانات المرعى النحيلة، والتي ترد الجميل بترك مخلفاتها العضوية أسفل الشجرة في تغذية راجعة تفيد التربة وتخصبها.
– الحياة الثقافية والاجتماعية للمسافرين من البدو تحت هذه الشجرة وما صاغوه ونسجوه واسترجعوه من حكايات شعبية وأساطير وموروثات جماعية.
لم أزر هذه الشجرة منذ تلك الرحلة البعيدة قبل 15 سنة، فسلام عليها حيث كانت، ولعلها تحيا جيلا بعد جيل، فمثلها يعيش في صحارينا مئات السنين، ويبلغ عمر بعضها وفقا لعلماء النبات نحو ألف سنة.
Discussion about this post