بقلم … مليكة براهمي
وقال لنا” في الحقيقة أصبح الأمر خطيرا جدا وحياتها مهددة ولم تعد الادوية ناجعة .يلزمها عملية زرع في أقرب وقت” لم يكن كلام الطبيب بالأمر الهين بل كان كسهم قاتل وجه الى قلوبنا. ولكن أبي تقدم منه في حيرة وقال ” إن كانت العملية ستكون ناجحة فأرجوك أسرع وأنقذ ابنتي وسأبيع كل ما أملك من أجلها…” كانت العيون شاخصة في الطبيب والآذان تنتظر سماع إجابته وقبل أن يجيب اقتربت منه أمي وترجته كثيرا أن ينقذ فلذة كبدها ورغم ما رأيته من تأثر من قبل الطبيب إلا أنه أجابها بكل ثبات” اسمعوني نحن فقط نقوم بواجبنا وربما تمليه علينا ضمائرنا ولا نقصر أبدا لكن الشفاء بيد الله سبحانه فقط أريد اخباركم انه علينا ايجاد شخص متبرع وتكون إحدى كليتيه مطابقة ” قال هذا ورحل عنا نظرت الى أبي وأمي فإذ كل واحد منهما ساجدا على الأرض لا أعرف إن كانا في خشوع الى الله يطلبان شفاءها أم أن أقدامهما لم تعد قادرة على حمل جسميهما .لم أنبس بشفة وظللت أنظر وفكري مشغول ..أختي بين موت وحياة وعائلتي التي أكرمتني تدمر نفسياً ..ثم من أين لذلك الرجل الطيب كل ذلك المال ولو باع كل مايملك وأصلا لا يملك غير ذلك المنزل البسيط ..ألقيت بنظرة مرة أخرى على أمي فإذ هي مرمية على القاع حتى دموعها نشفت وهي التي تبكي ليل نهار ولم تعد قادرة على الوقوف ..كانت اللحظات تمر قاسية لم يكن شيئا يحيط بنا غير الحزن الذي خيم في قلوبنا وبكل المحيط بنا ..مرت الساعات وهما على تلك الحال لا يعرفا ما يفعلان لينقذا حياة تلك الصغيرة التي لم تتجاوز سن الخامسة عشر ..وكلما مر الطبيب ركضنا إليه عله يسر نفوسنا بخبر مفرح ولكن كان في كل مرة يومأ برأسه بما يفيد لا أي لم نجد حلا.. مر ذلك اليوم كئيبا بلغت مرارته كل المحيط بنا .ليلة رجعت فيها الى البيت لأواسي نفسي و أواسي أخي وتركتهما كعصفورين جريحين…ليلتها لم يغمض لي جفن وظللت أفكر طويلا ..وما إن لمح أول نور الصباح أفقت وأسرعت الخطى الى المستشفى ”
حينها أدمعت عيناه ورمقني بنظرة رأيت فيها ندما وحزنا عميقا ثم أردف قائلا” أسرعت الى المشفى وما إن وصلت وجدت أمي وأبي على حالتهما كأنهما لم يتحركا قط وكأن حركتهما سجنت. أسرعت بالسؤال عن مالجديد ولكن لم أسمع إجابة تسعد جوارحي بل رأيت نظرات يأس وخوف ..بقيت كذلك مدة من الزمن ثم اقتربت منهما لا أعرف أأواسي نفسي أم أواسيهما وبعد ان لملمت نفسي قلت لأبي “ألم يجدوا متبرعا الى هاته اللحظة..؟” سألت ذلك وأنا متأكد من الإجابة حينها رد والدي قائلا ..ليتهم وجدوا ربما ماكنا على هاته الحالة،الوقت يمر ولو بقينا هكذا ستموت أختك ..” حينها سمعت صوتا دوى في أرجاء المشفى صيحة من أمي تفيق الضمائر التي دخلت في سبات منذ وقت طويل وبدأت تلطم وجهها وتلوم نفسها رغم أنها لم تقصر ..اتجهت نحوها أمنعها مما تفعله وأحاول أن أهدأ من روعها ولكن دون جدوى …ثم قلت بكل ثقة أخاطبهما ” أنا من سيتبرع لها .!!!” قلت ذلك وسكت وفجأة ساد الصمت والتفتا كلاهما لي لا أعرف إن كنت رأيت في عينيهما فرحا لقولي أو استغرابا…
وبقيا كذلك زمنا قصيرا ثم اقترب مني أبي وقال:…..
يتبع
Discussion about this post