إمرأة صاحت #وامعتصماه فقاد المعتصم لأجلها جيشا عدده
90000 مقاتل لإنقاذها، فالمعتصم أعظم رمز للشهامة وعلمنا كيف تصبح الأمة عظيمة عندما يقودها بطل.
في عام 838م كان الخليفة العباسي الثامن محمد المعتصم بالله في مجلسه في العاصمة سامراء ويريد أن يشرب كأساً من ماء، فدخل له عرب هاربين من مدينة زبطرة في الأناضول وذكروا خبر قيام الامبراطور البيزنطي تيوفيل بمهاجمة مدينة زبطرة، وأن الإمبراطور قام بأسر إمرأة عربية إسمها “شرارة العلوية” واستنجدت هذه المرأة بالخليفة المعتصم قائلة: “وامعتصماه”.
–
فغضب المعتصم وشعر بأن صوت هذه المرأة قد وصل لأذنه، وفي لحظتها أمر بإعداد 90000 مقاتل عباسي للتحرك لإنقاذ هذه المرأة، وقرر أن يقود الجيش بنفسه، أي أنه سيقطع أكثر من 1740 كليومتر لإنقاذ إمرأة لم يراها ولا يعرفها.
–
وقبل أن يخرج من مجلسه، أمر خادمه بأن يبقي كأس الماء التي كان سيشربها في مكانها، لكي يذهب لينقذ المرأة ثم يعود لشربها.
–
وعزم أيضا على تحرير مدينة زبطرة وفتح مدينة عمورية مسقط رأس الإمبراطور البيزنطي تيوفيل، وهي المدينة التي تم فيها حبس المرأة العربية، وأمر بنقش كلمة (عمورية) على درع جنوده ال 90000 الذين سيقودهم.
–
وتقدم المعتصم بجيوشه وفتح في طريقه مدن كثيرة أشهرها أنقرة، والتقى بجيش تيوفيل عام 838 م فقامت بين الجيشين معركة انتهت بانتصار جيش المعتصم، ثم توجه إلى مدينة عمورية وضرب حصارا عليها وبعد الحصار الشديد تمكن المعتصم من اقتحام عمورية عنوة وتخريبها وأسر من فيها.
–
وبعد أن دخل المدينة أمر حاكمها البيزنطي مناطس أن يعطيه مفاتيح السجون، وذهب بنفسه باحثا عن المرأة العربية التي في السجن، وقام بفتح باب سجنها بنفسه، وقال لها: قد لبيت النداء.
–
وأما الإمبراطور البيزنطي تيوفيل فقد مات كمدا نتيجة هذه الهزيمة المدوية، وأرسل للمعتصم يبلغه إستعداده أن يدفع الفدية لإسترداد المدينة، ولكن المعتصم رفض العرض، وعاد المعتصم إلى سامراء منتصرا ودخلها بأبهة عظيمة، ونظم الشاعر أبو تمام قصيدة لتخليد النصر، وأول شيء فعله المعتصم بعد دخول سامراء هو الذهاب لمجلسه لشرب كأس الماء التي كان سيشربها قبل أن يأتيه خبر الإمرأة التي أنقذها.
وفي هذا قال الشاعر أبو تمام الذي كان زمانه، عن صوت المراة الذي لباه المعتصم:
لبَّيْتَ صَوْتاً زِبَطْرِيّاً هَرَقْتَ لَهُ—- كأسَ الكرى ورُضابَ الخُرَّدِ العُرُبِ
–
وقال أبو تمام في وصف جيش العباسي بقيادة المعتصم والذي لبى النداء:
تِسْعُونَ أَلْفاً كآسادِ الشَّرَى نَضِجَتْ—-جُلُودُهُمْ قَبْلَ نُضْجِ التينِ والعِنَبِ
وغيرها من الأبيات الجميلة الرائعة التي تصف معركة الشرف والنخوة والبطولة.
–
وتم تخليد هذه القصة أيضا في مصادر كثيرة ومنها كتاب (معجم البلدان) لياقوت الحموي والذي شاهد بنفسه وثائق لهذه المعركة بحكم عمله في بلاط الخليفة العباسي أحمد الناصر، وكذلك خلدها إبن خلدون في (المقدمة) والذي إطلع على وثائق عباسية أيضا، وكذلك ابن الأثير في كتابه (الكامل في التاريخ).
–
وأمام هذه القصة الملحمية التي جعلت من الخليفة العباسي محمد المعتصم أحد أعظم حكام التاريخ ورمزا للشهامة والنخوة والشرف، نقارن بين ما حدث في زمانه وما يحدث في زماننا فندرك أن الفرق بينهما يتجاوز الفرق ما بين الثرى والثريا.
Discussion about this post