بقلم الدكتور … محمد الدليمي
خاطرة في التطور الأجتماعي واللغوي
إن التطور الأجتماعي هو من سنة الحياة التي قضاها الله سبحانه على الإنسان والحياة الدنيا ككل، وقد فرض على الإنسان بخاطره أم بعدمه إن يتطور في حياته فنجد من قصص القرآن الكريم التي تتحدث عن الصناعة والزراعة والسواقي والسدود وبناء المدن والحضارات وتطور الثقافات واللبس وما شابهه ذلك من التطور ؛ فنجد الإنسان القديم بنى القرى ومن ثم بنى المدن وبالتالي أظهر قانون مقتبس من الشرائع المنزلة من السماء عبر رسلهم ، ومن ثم ارسوا المملكات وقانون الزراعة والضرائب والتجارة والعسكر والحروب وفنون الملحقين بالقصر وانشاء الأسواق التجارية والثقافية وغير ذلك مما لم يخطر ببالنا في الوقت الحاضر ، فبدأ فن الخياطة وعلمنا من الكتب إن أدريس النبي عليه السلام كان يعمل خياطا فكانت جودت الخياطة والتطريز لديه خبرة عالية وهذا دليل على إن الله سبحانه يحب أن يتطور الإنسان أكثر فأكثر ، وكان النبي زكريا عليه السلام نجارا وكانت نجارته هي الرائدة عن بقية النجارين بسبب التطور والزخارف ونوع الخشب الذي يستعمله وما إلى غير ذلك من تلك المهنة الصناعية وكان أيضا داود عليه السلام حدادا عظيما حتى لان الحديد بين يديه وهذا دليل آخر على إن التطور الذي يريده الله هو المحمود في الصناعة والزراعة والتجارة وفي جميع صنوفها؛ والتطور الأجتماعي هو أحد اسباب نزول الديانات السماوية، فهو يعمل على حصن المجتمع من الفسق والمجون والمفسدات ، وأيضا يحافظ على أحترام الطبقات الأجتماعية والتهدئه من روع الأزمات التي تحصل بين طبقات المجتمع وقد قسمت حقوق وواجبات كل طبقة من طبقات المجتمع وجعل بينهما حبل الوصل ليشد فيما بينهم البنيان المرصوص ، وليحافظوا على هيكله من خلال الأزمات والافتعالات التي تأتيهم من الأعداء . فالتطور الاجتماعي هو مواكب للتطور المهني وهو أيضا مواكب للتطور اللغوي الذي يظهر سطوته على المصطلحات المستحدثة ، أو الكلمات المبتكرة ، أو الأسماء المبتدعه ، فيظهر مع كل تطور أسلوب لغوي لتراكيب الجمل ، وأسلوب في نشاط الخطب المقدمة أو النصوص المكتوبة على شكل مقالات أو كتب ممنهجة ؛ فالتطور اللغوي هو استحداث في كينونة اللغة إلا في الأمور الثابتة ، نحو : أركان اللغة : الشعر ( القصيدة العربية ) أو النثر ، قواعد النحو ، قواعد البلاغة ، وقواعد الأملاء ؛ فهذه مشيئة الله سبحانه وتعالى .
اللغة العربية تقبل التطوير والحداثة كما تتقبل الحياة بأكملها .
وبما إن اللغة العربية تقبل الحداثة والتطوير اللغوي فلابد للدين الذي نزل بتلك اللغة أن يقبل الحداثة والتطور، إلا في الأحكام الثابتة التي لا تقبل الحداثة المتمثلة بأركان الدين، ونذكر منها نحو : الصلاة وأوقاتها ، صوم رمضان ، الزكاة ، شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله ، الإيمان بالقدر واليوم الآخر .
كذلك الموبقات العشر لا يمكن أن يكون التمايل بهن في الحلال والحرام ؛ أما ما دونهن من ثقافات الدين من ملبس ومأكل ومغسل ومن طرق الجلوس والقعود والحديث وتعامل وما شابها من الثقافة الدينية ؛ كلها قابلة للتطور والحداثة وكل تطورها لا يخرج عن آداب الدين وأخلاقه ، ولكنه يواكب حركة التطور الحياتية ومنهجها .
الحياة هي عبارة عن يوم ومكان وكل يوم هو في شأن وكذلك هو المكان لا يبقى على حاله فلأرض تحيا وتموت ، والتجارة تبدل طرقها والصناعة تغير أتجاهها أو وجهتها من صناعة الحديد إلى المقوى إلى الخشب إلى ما بينهما إلى ما دونهما وهكذا دواليك هي صناعة الحياة .
أسف للأطالة إلا إن موضوع الحداثة والتطور يحتاج لمجلدات عدة ليظهر كل شيء حقه دون نقصان ، إلا أن المواقع الالكترونية توجب علينا الاختصار والايجاز لأظهار ما يجب قوله من مكنون ما يفسر بعضه . هذا ولكم الشكر والعرفان .
Discussion about this post