بقلم … أمل عمر
-كُنتُ أحسَبُ أنّ الحربَ خُرافة..
شيٌ بعيد..
تراجيديا أُشاهدُها في الأخبار ..
يجتاحُني الحزنُ للحظة
ينقبضُ قلبي،
أُشيحُ بوجهي ،
أغيِّرُ القناةَ من الأخبارِ للموسيقى
و تنتهي القصة..
-كنت أحسبُ أن بيتنا في أمدرمان
سيظلُ منتصباً هناك في ناصِيتِهِ المجيدةِ للأبد..
لابُد أن يظل..
لأنه شُيِّدَ من حبٍ و حجر
و ليس للمنطقةِ تاريخ في الزلازلِ أو البراكين
ليس بقربِ المنزلِ بحرٌ كثيرُ الاحتجاجِ ليُرسِل لعناته حين يغضب..
-كان أبي شديد الحماس، واضِعاً حجرًا على حجرٍ على حجر
اتذكره بوضوح
يحتسي الشاي، يراقبَ الرجال يصنعون قلعته
و يتنهد..
يُشيرَ عليهمُ أن يفعلوا كيتَ و كيت..
بأن هذا الجانب من الحائط يناسبه الأزرق..
بأنه يريدُ نوافذَ أوسع
و أبوابًا في كل إتجاه
-كنتُ أظنُ أن الشجرةَ أمام دارِنا
ستظلُ أعوامًا عديدة
مزهوةً بالخضرةِ و الذكريات..
خَططتُ للعودةِ عشرين مرة
أحداها في منتصفِ يونيو
أقسَمتُ أن كل يونيو سأعود
و أعود
و أعود
لنتسامر تحت ظلِ الشجرة
أنا و امي و أخواتي
و الجارات..
و القطط المشردة الأليفة
و القهوة
لـ نتَذَكَّرْ ،
نرغي و نَزبِدْ بكلامٍ تافه
بكلام ملآن
نحزن
نضحك..
-الى أن استيقظتُ ذات صباح
أدرتُ التلفاز
و كنّا نحن الخبر..
-قلتُ كذبةٌ أبريلية سَمِجة
سيمضي أبريل و تُفتَضَح.
و يُعاقَبُ مخترعها المستهترُ أيما عِقاب..
-لكن الموت
الحُطام
النار
الهاربون
الصِغار الجزعون تحت الأسِرة
الجثث الفاغرة الافواه على الطرقات
اثبتت لي ،
بأنها الحرب من غيرِ شك
و ليس كما كنت أتَمَنى، كذبة.
بأن بيت أبي مهدَّد
بقذيفةٍ طائشة
أو غرباء يستبيحون حُرمة نوافذه الكبيرة
جدرانه الزرقاء
صورة جدي الوحيدة في الصالون .
و الشجرة .
بقلم … أمل عمر
Discussion about this post