بقلم: ليلى المراني….من العراق
دلف إلى مقهىً صغير قرب ساحل يكتظّ برواد البحر، تديره امرأة مسنّة
تتوكّأ على عكّازها ..
إحباط كبير يحس به، لا يزال القلم عصيّاً والورقة عذراء، وشيطان شعره فرّ هارباً بين جموع المصطافين.. أفكاره تحوم تائهةً لا تستقرٌ وسط زخمٍ من كلماتٍ وصور تتقاتل في رأسه، تريد أن تنطلق.
طلب فنجان قهوته السوداء المفضّلة، وانتحى في ركن معتم.. تاهت نظراته تطوف المكان، مذهولةً سقطت على صورة فتاةٍ بعمر الربيع، معلّقةً على أحد جدران المقهى.. انبعث سرب فراشات ملوّنة من عينيها إلى عينيه، اقترب منها، وثب قلبه بين أضلعه.. أحسّ أنغامًا تعزفها شفتاها على شواطىء مرجان؛ تصالحت كلماته الصاخبة، هدأت وانسابت نبعاً يفيض.. عاد النبض إلى قلمه وعانق الورقة البيضاء.. كتب..
خمرةٌ في مقلتيها
خمرةٌ في شفتيها
و…
ارتطمت كلماته بصوت عميق متهدّج، آتٍ من وراء الضباب..
– قهوتك سيّدي..
مشفقاً على نفسه، رفع رأسه بغضب إليها، سرعان ما تلاشى عند عينيها المنطفئتين، تستجديان كلمةً رقيقة..
– هل أعجبتك ؟
مشيرةً إلى الصورة؛ تعثّرت نظراته على وجهها الذي حاولت جاهدةً أن تعيد له الحياة، لكن غدر السنين أوغل فيه عبثاً وقسوة..
قلمه لا يزال بيده ينبض..
– هذه أنا، ملكة جمال مدينتي كنت..
لا يزال غارقاً في شطآنها، تلك الجميلة..
– أنا يا أستاذ.. أنا في تلك الصورة..
انتفض من حلمه.. تشظّت كلماته، وتوقّف نبض قلمه..
Discussion about this post