بقلم الأديب والشاعر
يزيد مجيد العبيدي
مجدداً لقد تعثرت في فخ الحب، كلمة “أحبك” كانت كفيلة بأن تضرب شتى مخططاتي في عرض الحائط وتبث بداخلي روح الحب من جديد وتخلصني بسهولة من أنياب الجمود والبلادة وتدفعني لسرد كلامات العشق والغرام التي ظلت طويلاً على رف النسيان حتى داهمها الغبار واستولى عليها حتى أخر خلية فيها لم يذرها, حتى تمارس طقوس اللهو بين مخيلة عاشقة أو تناغيها في مخدع نومها…
إن حبي لكِ لم يكن قراراً ابداً ولا توفيقاً مني بعد عناء طال مدته، بل جاء هكذا بغتة مثل طوفان يجرف أمامه الحصون والمستعمرات، مثل إعصار يحرق الأخضر واليابسة…وكان قدري أن أرضخ لسطوة هذا الحب على الرغم من أنه ليس سهلاً على رجل مثلي أن يستسلم للحب مثل تائب أو مهزوم لا يملك قراراً للمواجهة…
ولكن حبكِ كان أكبر من أن أتمرد أو أغلق الباب بضراوة في وجهه، فلقد سلبني العسل الكامن في عينيك “عقلي”
وجعلني أمزق المواثيق التي عقدتها بيني وبيني
ثم أرداني طريحاً على بساط الشرود ومنح الشتات حرية التعمق في ساحة الفكر مع إرتجالية الذاكرة، محض رجل يسعى للهلاك !
لوهلة شعرت أن الكون عبارة عن لوحة فنية تختزل في جمال عينيكِ، ربما لأني عاشق كلاسيكي توغل في الحب بقلب أعذر، أو ربما لأن أنوثتكِ هادرة مثل الموج صاخبة كصرير قلبي، ثمة احتمالات كثيرة تتمحور حول هذا الموضوع جميعها تخص امرأة واحدة، امرأة اقتحمت بعنجهية صومعة قلبي وتربعت فيه بقهر المحتلين وسنت لنفسها احتواء الجسد كله وضمه إلى ملكيتها الخاصة كحاكم طاغية يأكل حقوق شعبه قسراً، وعلانية
كل هذا لأنكِ ناضجة، فائضة، ولأنني أصغر من أن أمكث طويلاً أمام امواجك العاتية بالإضافة أنني لم أحمل في حقيبتي وسيلة نجاة فكنتُ أنصاع إليك طواعية وغصباً لأن جميع الخيارات تشير إليكِ كما لو أنكِ بئر فائضة بالماء في عرض صحراء أو منارة تفصل بين المستعمرات والبادية..
لكم أستغرب من عاطفتي الحمقاء، أحبكِ كما لو أنكِ الأنثى الأوحد في هذا العالم أو نجمة ساطعة تضيء سمائي المتخمة بالسواد،
للأمانة أنا أحبكِ لأسباب عدة : ليس لأنكِ تقومين بفعل عملاً خارقاً خارج منظومة النسوة بل أحببتكِ لأنكِ متفردة بذاتك وعاديتكِ..
أحببتكِ لأنني كنت أحلم بامرأة مثلكِ منذ تبرعم شعور العاطفة في قلبي، أحببتكِ ببراءة، بقلب طفل يغفو كل ليلة قبل أن تتورد حلمة الحب في فمه، ربما مازلت طفلاً حقا
مازلت قاصراً رغم كبر سني وطول قامتي ووفرة اشتهاءاتي، لكنّي ومع ذلك أحمل بين جنبي قلباً يستهوي المغامرة في غابة حبكِ الموحشة، يركض فيه كطريدة دون أن ترهبه زأير الأسود ومفاجآت القدر الماكرة
يتمادى في التوغل بلا وجل أو هدنة، يركض فيه برأسٍ مثقوب وساق مبتورة، يركض للنيل من زمام الحب العاق قبل أن يوشك على خسارة عضو آخر من جسده وانقضاء ما تبقى من عمره الزائف، كم كان عليكِ أن تبتكري آلية للحب تخرس هتاف العقل الماجن، المطالب بجز عنق أوردة اليأس ونفيكِ خارج سياج القلب وزجركِ بعيداً ، لكن لا يسعني فعل ذلك وأنا احبك بقلق وحفاوة مثل كومبارس يحتفي للمرة الأولى بوقوفه على خشبة المسرح، يخشى أن يسدلوا الستار وينتهي العرض قبل أن ينقش لحظاته السعيدة على رخام العمر, واحزن كثيراً مثل جندي كسب الحرب دون أن يظفر بالغنيمة ثم يعود سالماً ليسقط في بحر عواطفه كأي أحمق يطرق باب الحب كما لم يفعل من قبل
Discussion about this post