دخَلت بالشارع و انا رافع راسي لعنان السماء ، و قلبي يدق بآذاني . ووجهي يتغامز ، مثل ما تقولين من العزم و لس غير، لأن مثل ما يقولون :أنا يجوز قادم على معركة فاصلة . و بسبب الغرام الذي لاعب لعبته برأسي و بهذا السبب ، بقي رأسي يهتز . بحيث الذي يراني يقول : هذا ليش رأسه يرعص ؟ هو ليس يرعص(4) خوفاً .. فقط من الحب و العزم . و الله يا ليت تلك الساعة ما حدثت . كل هذي و عينيك فاطمة كأنهما يغمزان لي ، او يترجيان أن اصير عاقل و اتصرف بحكمة .
المهم حبيبتي.. على كلٍ ـ (أخاف يجي واحد فاطمة و ينشلك مني ، و أبقى أنا أجر بالحسرات و الآهات؟ أنتحر و حق الكعبة ـ )؟
ـ لا أبو الجود . انا لو إلك .. لو للقبر ، و حق عيناك .
ـ على كلٍ آنا سويت نفسي ما أشوفه . تجاهلته وبقيت امشي براق الحائط المقابل ، حتى ابتعد عن شرَّه و ما أضربه سكين. يعني الحب ما يخليني اشوف حتى دربي .
على كلٍ..
و الله وصلت باب صديقي ابن جميلة كأنما أدقّه .. بعد دقيقتين
رجعت بنفس الطريق . و إذا بأخيك الافندي مع احترامي لك .. وقف واضعاً يديه على خاصرتيه بنصف الشارع .
صحت : يا ربي سترك و منعك .. طلعها سلامات يا إلهي، حتى لا اضرب الولد بالسكين .
المهم على كل حال، يعني في تلك اللحظة فاطمة .. لو تذبحيني ما تجدين بيّ نقطة دم . لا خوفا .. لا والله .. و حق عينك (فاطمة) و الكعبة الشريفة. كل هذي من أجل عين حبيبتي الحلوة المائعة مثل الزبد فاطمة الخياطة .
***
الشارع فارغ . لو تلقين الإبرة بالقاع تصيح شِكْ . ولا صوت ، ولا نفس و لا بشر . فقط امرأة عجوز قاعدة على مسافة قليلة عن بيتكم كأنما ألله هداها أن تجلس و الناس تغط بالنوم.
وصلت قبال أخيك ، و إذا به يصيح بي :
ـ ها ولك ؟
أنا أيضا أردت أتكفى شرّه و أقطع دابر النزاع ، فقلت له كلاما ودياً، و بروح حضارية :
ـ ها اخي عضيدي .. كيف الأحوال؟
اول ما مسك بإذنيّ ملّصهما ملصاً .
قال :
ـ من الذي أتى بك لشارعنا ؟
بعدين .. مسكني من زيقي و الصفعات و الكلاّت اشتغلت . و مثل ما تشوفين .. لا ظلت عندي اذن و لا خشم و لا عين و لا جبهة ، و اخذني الدم . جزاء الله خير الجزاء العجوز التي كانت جالسة في باب بيتها . جاءت تركض، و هي تصيح على أخيك :
ـ ولك كافي قتلت ابن الناس ؟
اخذ مسجل ابن جميلة من يدي ، و ضربه بالحائط . و خلف الله على العجوز وقفت النزاع . و تحملت كل هذا مثل ما تشوفين من اجلك .
على كل ..
تذكرت مجنون ليلى : لما يكتب اسم ليلى على الرمال . و انا اكتب اسمك بالدم النازف من وجهي و اذناي و خشمي على التبليط.
ظلت العجوز تدفعني . و لكني .. صعدت الغيرة براسي .، و سحبت سكين المطبخ من جيبي ، و بقيت ادفع المرأة بصدري حتى تبتعد عني و أفوت عليه بالسكين ، لكن المرأة خلّت صدرها قدام صدري . و استثقلتها أن أخلي صدري على صدرها . ما تقبل الغيرة العربية ، لأن حرام او عيب .. و صحت عليه :
ـ إلاّ اذبحك .. لو ما هاذي بنت الحلال . كان ذبحتك من الوريد الى الوريد .
على كلٍ ..
بس جزاء الله العجوز كل الخير .. وقفت بيننا و استحيت ، لأن صدري صار على صدرها . و راحت بنت الحلال أو جابت المسجل المكسر او قالت لي :
ـ خذه و روح لأهلك . لولاها لكان عملت لي جريمة قتل يذكرها التاريخ . من أين أدبر فلوس المسجل؟ ما أدري .
على كل ..
من حسن الحظ خلصته العجوز . يمكن هو بالحقيقة خاف مني . لأن شفت وجهه وجه خائف .
ـ تفضل حبيبي تكلم بالذي يرضى به الله ، و ريّح قلبك .
ـ نعم حبيبتي . آني أريد أقول لأخيك :
ـ ولك انت شوف : هذي محبوبتي فاطمة جالسة معي .. رجل على رجل و حاضنها حضن . وآنا كل شيء ما أعمل لها غير الذي يرضى به الضمير: بس شمّة خد و قبلات ، بايعيها بيضاء منها للعلي القدير .
***
خلعت فَطُّومه قرطيها الجديدين و قالت له :
ـ سوّد الله وجهي . كل هذا من أجلي ؟. خذ هذا الذهب واشتري للولد مسجل .
Discussion about this post