كم هو فيسح ذاك الممرّ ! في جنباته تتزاحم الأطياف ، تشدّ رحااها إلى الضفّة الاخرى . عند البرزخ تحطّ. هناك تمتدّ الصّفوف على مرمى المدى ويسدل السّتار لكنّ البوّابة تظلّ مفتوحة تتلهّف للمزيد .. المزيد .
عند أبوابها تقف القلوب منكسرة أمّا العيون فيغشّيها ضباب الدّمع فيزداد السّراب سرابا في حين يبقى السّمع حارسا لكلّ حركة وصوت . يصيخ ثمّ يصيخ أملا في التقاط همسة أو احتضان رجفة لكنّّه في كلّ مرّة يعود حسيرا كسيرا .
أيّّتها البوّابة المهيبة لمَ لا تنشئين في ممرّك نوافذ أو ثغرات ؟
لمَ لا تعطين فسحة وقت للوداع الآخير أو للوعد في انتظار لقاء .أيّتها البوّابة كمْ مرّة سحبتِ منّي روحي فبتُّ خواء أو على وشك .كمْْ دفعتني إلى حوارات عجائبيّة حين أتخيّل معلّمي يجلس على دكّة عالية وانا قرينة الضعف كنملة تكابد العقبة .تودّ الوصول إليه . إلى عالمه الشّاسع الوضيء حيث السّؤال نفحة من.حياة . أيتّها البوّابة لا تغلقي في وجهي الرّجاء . دعيني أصل . دعيني أتخفّف من لفحة الصّهد ، دعيني أتطيّب بطلّ الحقيقة أو باحتضان أمل .دعيني أسال علّني اتخفّف ، دعي سؤالي يحلّق كنورس طليق فيتجاوز الضبّابيّة ويخترق السّراب .دعي صداه يتردّد في الزّمن السرمدي :
-سيدي قلْ لي كيف أصف المرج وأحاور ازهار النّرجس وأنا الأصمّ؟
دلّني يا سيّدي فكم أشتهي أن أسقط جلدي وأتحوّل. كمْ أشتهي أن أبدأ كلّ شيء من جديد .
كمْ أتوق إلى أن أراني في الباحة العامرة دون سواد .
قلّْ يا سيّدي فقد جفّ طيني ولمّا أبلغ النّبع لأرتوي . لأعلنها الانطلاقة قبل ان أصير رمادا.
Discussion about this post