بقلم الكاتب الصحفي
سعيد الخولى …
السَّيْفُ أَصْدَقُ إِنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ
في حدهِ الحدُّ بينَ الجدِّ واللَّعبِ
مع الاعتذار لأبى تمام صاحب هذا البيت الشهير،ولعله لو عاش إلى زمننا لقال بغير ذلك،وليسمح لى تذكره بأن أقترح بديلا عصريا لهذا البيت وأقول:
الطبل أعلى تأثيرا من الكتب
فى قرعه الحد بين الفقر والذهب
نعم فالطبل فى عصرنا رمزا للفن ووسائل الإعلام سبيل إلى ذهب المعز دون سيفه،أو العكس بالسيف دون الذهب،غير أن ذلك لاينفى شبه حقيقة أن لكل زمن أراجوزاته ومضحكى الحكام ومن يتولون إلهاء الناس واجتذاب اهتمامهم بعيدا عما تفعله السياسة بالناس.. وهؤلاء فى زماننا هم طبقة الفنانين ولاعبى الكرة وبعض مشاهير الإعلاميين ومايشبههم ولذلك فأسعارهم عالية وتحول إلهاؤهم إلى صناعة لايمكن تفكيكها او الاستغناء عنها من الناس أنفسهم،ويتساءل البعض ببراءة : لماذا يتبع معظم أهل الفن السلطات الحاكمة موالين لها على طول الخط ،رغم انهم يمتلكون من الموهبة والإبداع ما يجعلهم فى غنى عن التبعية؟
هو سؤال له مئات من أوجه التعليل والتبرير،قد يكون أقربها للذهن ضمان البريق والمكانة الاجتماعية فضلا عن القرب المفيد من أهل الحل والعقد فتنقضى دائما الحوائج وتتم المصالح وكل طلباتهم اوامر،ناهيك طبعا عن المال الذى يسيل سيل الشلال من علٍ فلاينقطع وعيشة البغددة فوق قمة المجنمع.
لكن سببا جديدا ـ لعله الأدق ـ كشفت الأحداث عنه مؤخرا فى مصنع السينما والأحلام فى العالم “هوليوود”؛ذلك هو الوقوع نحت سيطرة الأجهزة التى جرى العرف الحديث على تسميتها سيادية،وعلى رأسها بالطبع أجهزة المخابرات حتى فى بلاد الأحلام وحقوق الإنسان بلاد العم سام :أمريكا زعيمة العالم الحديث.ذلك أن صناعة السينما حولتها أصابع اليهود بفعل بروتوكولات حكماء صهيون بعد السيطرة عليها إلى أداة فاعلة للسيطرة على آذان العالم وعيونه وصب مايريدون صبه خدمة للصهيونية العالمية ونشره من خلال الأعمال الفنية التى تلقى بها تلك الآلة الجهنمية عاما بعد عام.ولايخفى أن تدمير الأخلاق فى رداء من دغدغة المشاعر كان هدفا رئيسيا للمنتجين اليهود الذين سيطروا على هوليوود ضمن سيطرتهم على ثلاثة أهداف رئيسية:الذهب ممثلا للاقتصاد والطاقة بكل صورها والإعلام بكل أشكاله الاعتيادية وما يستجد منها..لقد قضوا على البعد الأخلاقى الذى بدأ به فن السينما فى أمريكا،وجعلوا من الملابس العارية والقبلات والمشاهد الساخنة وسيلة لجذب الشباب وتغييبهم عما يدور حولهم،ومن يشاهد افلام السينما المصرية فى الأربعينيات والخمسينيات يلمح فى استعراضاتها هذا البعد من خلال مصممى الرقصات والاستعراضات الذين كانوا يهودا بنسبة لاتقل عن تسعين بالمائة ولم يتركوا الساحة مرغمين بالهجرة أو الطرد إلا بعد أن أورثوا تلاميذهم من غير اليهود ميراثا من مذهب الفن للفن للمتعة وليس للإصلاح ،وأن دور الفن ليس فى علاج مشاكل أو اقتراح حلول أو حتى رصد واقع بشكل واقعى بل تكون الفنتازيا وأحيانا العبثية هى طريقة التعبير الفنية المثلى.
ولست بمجال رصد تطور فن السينما والتمثيل من الجانب الموضوعى الهادف إلى الفن للفن ولو كان عبثا،لكن ما جرجرنى للامر هو تقرير لموقع”إم إيه إن إيه”تم الإفراج عن وثائقه مؤخرا فى 4000صفحة.يقول التقرير إن المخابرات المركزية الأمريكية أنتجت من خلف الكواليس أكثر من 800 فيلم و1000عمل تليفزيونى ضخم،والهدف الشكلى هو عمل نوع من الدعاية للصناعة العسكرية الأمريكية وإظهار تفوقها عالميا وسيطرتها نوذكر التقرير بعض الأفلام التى يعرفها عشاق السينما الأمريكية ومنها:”إيرنست ينقذ الكريسماس”و”تويستر”وأفلام الرجل الحديدى وصمت الحملان وفتى الكاراتيه وكينج كونج؛لكن الهدف الرئيسى للسى آى إيه فى كثير من الأحيان كان حشد الرأى العام الأمريكى باتجاه محدد لخدمة المصالح الأمريكية،كما حدث خلال احتلال أمريكا للعراق وقبلها فييتنام.
والغريب أن يدافع فيل ستروب المسئول عن العلاقات مع هوليوود داخل البنتاجون بقوله:نحن لا نحاول غسل أدمغة الناس،ولكننا نحاول تقديم وجهة نظر حقيقية..يحدث هذا فى بلد يعتبر نفسه قلعة الحريات وحقوق الإنسان وحامل لواء نشر الديمقراطية فى العالم ولو بالقوة،ويصم الأنظمة الشمولية بالسلطوية والدكتاتورية الغاشمة،ولكن يبدو أن الفن عند العالم كله سواء.
Discussion about this post